للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعد: أذَّن يومًا بالهاجرة، فسمعه الحجاج وهو بالمَدَرَة (١) فدعاه وقال: ما حملك على الصلاة بالهاجرة؟ فقال: صليتُها مع أبي بكر وعمر وعثمان، فقال الحجاج: لا تُؤذّن لقومك ولا تَؤُمَّهم.

وقال [ابن أبي الدنيا بإسناده إلى] عمران بن مسلم قال: كان سويد بن غَفَلة إذا قيل له: أعطِ فلانًا، ووَلِّ فلانًا، يقول: حسبي كِسرتي ومِلحي، قال: وكان سويد يقول: إذا أراد الله أن ينسى أهلَ النار؛ جعل كلَّ واحدٍ منهم في تابوت من نار على قَدره، ثم أقفل عليهم بأقفال من نار، ثم يُجعل التابوت في تابوتٍ آخر، ثم يُضرم بينهما نارًا، فلا يرى أحدٌ منهم أنه قد بقي في النار غيره.

[وروى أبو نعيم قال:] كان سويد يؤمُّ الناس في رمضان وقد أتت عليه عشرون ومئة سنة، وكان يمشي إلى الجمعة ماشيًا (٢).

وقال علي بن المديني: دخلتُ منزلَ أحمد بن حنبل، فما شتهت بيتَه إلا بما وُصِف لنا من بيت سُويد بن غَفَلة من زهده وتواضعه (٣).

وقال ابن عبد البر (٤): شهد سويد القادسية، فصاح الناس: الأسدَ الأسدَ، فخرج إليه سويد، فضربه بالسيف على رأسه، فمر في فَقار ظهره، فخرج من ذَنَبه، وأصاب حَجرًا ففلقه.

وحكى ابن عساكر عنه أنه افتض جارية بكرًا وهو ابن سبع وعشرين ومئة سنة.

[ذكر وفاته:

حكى ابن سعد، عن الواقدي قال:] توفي سُويد بن غَفَلة بالكوفة، سنة إحدى -أو اثنتين- وثمانين، وهو ابن مئة وثمان وعشرين سنة (٥)، وأوصى أن لا يُؤْذَن بموته أحد، وأن يُكَفّن في ثوبيه، ولا تتبعه امرأة.


(١) هي القرية من الطين، وفي (أ) و (د): بالمدر، وفي "طبقات ابن سعد" ٨/ ١٩١، و"الحلية" ٤/ ١٧٥: بالدير.
(٢) "حلية الأولياء" ٤/ ١٧٦، و"المنتظم" ٦/ ٢٢٧ - ٢٢٨، و"صفة الصفوة" ٣/ ٢١ - ٢٢.
(٣) "تهذيب الكمال" (ترجمة سويد).
(٤) في "الاستيعاب" (١٠٩٣).
(٥) بعدها في النسخ خلا (ص): وقيل سبع وعشرين، وقيل ثلاثين ومئة، والمثبت سياق (ص)، والخبر في "طبقات ابن سعد" ٨/ ١٩١.