للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسقط سوطه يومًا من يده فابتدره ثلاثون من ولد طلحة بن عمر يأخذونه.

وكان لإبراهيم بن طلحة هذا ولد اسمه إسحاق بن إبراهيم، من سَرَوَات قريش، دعاه حسن بن زيد لما كان عاملًا على المدينة إلى القضاء فامتنع، فحبسه، فجاء بنو طلحة كلّهم فدخلوا معه السجن، وبلغ حسن بن زيد فأرسل إلى إسحاق وقال: إنك قد تلاجَجْتَ عليّ، وقد حلفتُ أن لا أُطلِقَك حتى تعمل، فبِرَّ يميني. وأرسل معه جُنْدًا إلى مجلس القضاء، فجلس فيه ساعة والجند على رأسه، وجاءه داود بن سَلْم فأنشده: [من الخفيف]

طلبوا الفقهَ والمروءةَ والفضـ … ـلَ وفيك اجتمعْنَ يا إسحاقُ

وقام من مجلسه فأعفاه حسن بن زيد، فأرسل إلى داود بخمسين دينارًا، وقال للرسول: قل له: ما الذي حملك على أن تَمدحني بما أكره (١)؟

وكان لطلحة بن عمر أولاد غير إبراهيم بن طلحة وهم: محمد، وعبد الرحمن، وعثمان، وجعفر بنو طلحة، وكانوا أشرافَ قريش وساداتهم وسَراتهم.

ولَّى المهديُّ قضاءَ المدينة لعثمان بن طلحة، وكان لا يأخذ على القضاء أجرًا توَرُّعًا، واستعفى فأعفاه المهدي.

وأوصى جعفر بن طلحة إلى أخيه عثمان بن طلحة بابنه عبد العزيز بن جعفر، فزوّجه عثمان امرأةً من أهل المدينة، وأصدقها عمُّه عثمان صداقًا صالحًا، وماتت المرأة وتركت حُليًّا وفَرْشًا وأثاثًا له قَدْر، فجاء عبد العزيز إلى عمه عثمان بمفاتيح دارها، فقال: هذه المفاتيح، وقد أغلقتُ الباب على ما خَلَّفَتْ، فقال له عثمان: يا ابن أخي، ابعث بالمفاتيح إلى أهل المرأة، وأعرض عما تركتْ، فبعث عبد العزيز بالمفاتيح إلى أهل المرأة، ولم يأخذ من التّرِكة شيئًا.

وكان جعفر بن طلحة من الأجواد، استدان أخوه عثمان دَينًا يبلغ ألفي دينار، فعزم عثمان على الخروج إلى العراق؛ يتعرَّضُ للسلطان ليَقضيها عنه، وبلغ جعفرًا فقال: لا بارك الله في مالي بعد أخي عثمان، فدخل على نسائه، فجعل يأخذ الأَسْورَةَ من أيديهن، والخَلاخِل من أرجُلهنّ، والحلق من آذانهن، وباع أثاثهن، وقضى دَينه (٢).


(١) "التبيين" ٣٣٣ - ٣٣٥، وينظر "أنساب الأشراف" ٨/ ٢٥٤ - ٢٥٧، و"الأغاني" ٦/ ١٢ - ١٣. وجاء بعد هذا في (ص): السنة الثالثة والثمانون.
(٢) "التبيين" ٣٣٥ - ٣٣٦.