للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر جماعة من الوافدين عليه:

قال قَبيصة بن ذُؤيب: كان عبد الملك يحب الوافدين عليه من العلماء والشعراء، فيُذاكرهم ويُباسطهم ويَصِلهم، فمن الوافدين عليه:

أحمر بن سالم المُرِّي، قال أبو عبيدة مَعْمَر: قدم أحمر بن سالم على عبد الملك فأنشده (١): [من الطويل]

مُقِلٌّ رأى الإقلالَ عارًا فلم يزل … يَجوبُ بلادَ الله حتى تَمَوَّلا

فلما أفاد المُلكَ جادَ بفَضْلِه … لمن جاءه يَرجو نَداه مُؤَمَّلا

فأعطى جَزيلًا من أراد عطاءه … وذو البُخلِ مَذمومٌ يرى البُخلَ أفضلا

فأعطاه عشرة آلاف درهم، وقال له: إياك والإكثار؛ فإن مَن أكثر هذر، وإياك وأعراضَ الناس؛ فإن لك لسانًا لا يَدعك حتى يُلقيك تحت كَلْكَل هِزَبْرٍ يَضْغَمُك ضَغْمةً لا بقيّةَ لك بعدها، فخرج إلى العراق فهجا الحجاج بأبيات منها: [من الطويل]

ثَقيفٌ بقايا من ثَمودٍ وما لَها … أبٌ ثابتٌ في قَيس عَيلان يُنْسَبُ

وأنتَ دَعيٌّ يا بنَ يوسف فيهمُ … زَنيمٌ إذا ما حَصَّلوا يَتَذَبْذَبُ

وبلغ الحجاج فطلبه فهرب، فأدركه الطَّلبُ بهِيت، فأتي به إليه فقال: ما جزاؤك عندي إلا أن أُعذّبك بما اختاره الله لأعدائه من أليم عقابه، فأمر به فأحرق، ثم ذُري في الهواء، وتمثَّل بقول هَمّام [بن قَبيصة] النُّميري في ابنِ مِخْلاة الطائيّ، وقُتل بمرج راهط: [من الطويل]

بما اجْتَرَمَتْ كفَّاك لاقيتَ ما ترى … فلا يُبعد الرحمن غيرَك هالِكا

كفرتَ نعيمًا لم تكن أنت أهلُهُ … فصادفتَ ليثًا ثابتَ الرُّكْنِ تامِكا

فبُعدًا لمن يَبكيك ما هَبَّتِ الصَّبا … وسُحقًا فقد لاقيتَ ليثًا مُعارِكا

[وتفسير الكَلْكَل: الصَّدْر، وكذا الكَلْكال، والهِزَبْر: الأسد، والضَّغْمُ (٢): العضّ، وتَمَك السَّنام يَتْمُكُ تَمْكًا: طال وارتفع.]


(١) في (أ) و (خ) و (د): ذكر جماعة من الوافدين عليه: أحمر بن سالم المري، وفد عليه فأنشده، والمثبت من (ص).
(٢) في (ص): والضمغ، وهو خطأ، وهذا الشرح منها. والخبر في الموفقيات ٥٠٦ - ٥١٠، و "تاريخ دمشق" ٢/ ٦٠٣ (مخطوط)، ومختصره لابن منظور ٣/ ٨٣.