للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما رأتْ رَكْبَ النُّمَيريّ راعَها … وكُنَّ من اللُّقيا له حَذِراتِ

فقال الحجاج: حُقَّ لها أن تَرتاع، [أي: كانت تكره لقاءه لما شاع عنه أن يُشَبّب بها، ولهذا قال له الحجاج:، وكيف لا ترتاع وهي صَوَّامةٌ قوَّامة، وما كان ركبك؟ قال: كنت على حمارٍ هَزِيل، ومعي رفيق على حمار مثله، ومعنا حمار آخر عليه القَطِران كنا نَجلُبه فنبيعه، فقال له الحجاج: لقد عَظَّمتَ رَكبك، ثم عفا عنه (١).

[وسنذكر أبا نمير في ترجمة الحجاج.]

وقد وفد على عبد الملك خلق كثيرًا، وقد ذكرناهم في أيّامه فيما تقدّم،.

ذكر وفاته:

حكى ابن أبي الدنيا، عن سعيد بن المسيب وقيل له (٢): إن عبد الملك يقول: قد صِرتُ لا أفرح بالحسنة أعملها، ولا أحزن على السيئة أرتكبها، فقال: الآن تكامل موتُ قلبه، فمات بعد أيام.

[وقال أبو اليقظان:] قال رجل لابن سيرين: رأيت في المنام كأن موسى Object قد ظهر بالشام وبيده عصا. فقال: الله أكبر، مات والله فرعونها، فجاء الخبر بعد أيام بموت عبد الملك بن مروان.

[وحكى ابن عساكر عن هشام بن عمار قال:] مرض عبد الملك بوجع الكَبِد، فكان يشرب الماء فلا يروى، [فمنعوه إياه، فاشتد عطشه.

وقال المدائني:] قال الأطباء: إن شرب الماء مات من ساعته، فازداد به العطش، فقال لابنه الوليد: اسقِني، فقال: لا أُعين عليك، فقال: يا فاطمة -لابنته- اسقيني، فمنعها الوليد، فقال: دَعْها وإلا خلعتُك، فسقته فمات.

وقال أبو العباس (٣): نقلت عن أبان بن عثمان قال: لما ثقُل عبد الملك أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية وخالد بن عبد الله [بن خالد] بن أَسِيد، فحضرا فقال: قد كان


(١) "الأغاني" ٦/ ١٩٢ - ١٩٨، و"تاريخ دمشق" ٦٣/ ٥٢ - ٥٦.
(٢) في (أ) و (خ) و (د): وقال سعيد بن المسيب، والمثبت من (ص). والخبر في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٢٧٨.
(٣) هو ثعلب، والخبر في مجالسه ٤٤٣ - ٤٤٥، و"تاريخ دمشق" ٥/ ٤٨٢ - ٤٨٣، وما بين معكوفين منهما، وانظر "المنتظم" ٦/ ٢٧٤.