للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الزُّهْرِيّ: دخلت على أنس بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: والله ما أعرف شيئًا مما كنا فيه على عهد رسول الله إلَّا الشهادة، قلت: فالصلاة؟! قال: قد علمتَ ما صنعوا فيها (١).

[وحكى ابن سعد، عن] عيسى بن طَهمان قال: رأيت أنسًا دخل على الحجاج وعليه عِمامة سوداء، وقد خَضَب لحيتَه بالصُّفرة.

وقال ابن سعد: ضَعُف أنس عن الصوم في رمضان، فكان يُطعم كل ليلةٍ ثلاثين مسكينًا الخبز واللحم، وقيل: ستين مسكينًا.

وكان نقش خاتمه: محمَّد رسول الله، فإذا دخل الخلاء وضعه.

وقيل: كان نقش خاتمه أَسَد رابِض، وقيل: ثعلب، وقيل: أرنب.

وكان يلبس الخَزَّ والمُعَصْفَر.

وقال سعيد بن جبير: لو رآه السَّلَف لأوجعوه (٢).

ذكر وفاته:

[وقد اختلفوا فيها؛ فحكى ابن سعد، عن عفان بن مسلم بإسناده إلى] النَّضْر بن أنس بن مالك وأنس يومئذ حيّ قال: قال أنس بن مالك: لولا أن رسول الله قال: "لا يَتَمنَّيَنّ أحدكم الموت" لتمنَّيتُه.

وقال ابن سعد: أوصى أن يُغَسِّلَه محمَّد بن سيرين، وكان محمَّد محبوسًا، فكلَّم عمر بن يزيد المرأةَ التي حبسته، فأخرجته من السجن، فغسله ثم عاد إلى الحبس، وكان ابن سيرين يَشكرها لآل عمر بن يزيد حتَّى مات.

وجعلوا في حَنوطه مِسْكًا وشَعَرًا من شعر رسول الله .

وقال عبد الله بن يزيد الهلالي: حضرتُ (٣) أنسًا مات بالبصرة سنة اثنتين وتسعين، وهو ابن تسع وتسعين سنة، وهو آخر من مات من الصَّحَابَة بالبصرة.


(١) "تاريخ دمشق" ٣/ ١٥١ - ١٥٢ (مخطوط).
(٢) طبقات ابن سعد، ٥/ ٣٤٢ - ٣٤٧ وما بين معكوفين من (ص).
(٣) في (ص): وقال ابن سعد بإسناده قال حضرت، وما سلف بين معكوفين منها.