للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاقبتك، ثم أخرج هشام سِجلًّا من عبد الملك بالضيعة، وأخرج النصراني سجلًا بالملك، فقال عمر لابنه عبد الملك: انظر في السِّجِلّين، فنظر فقال: حجة النصراني غالبة، وحق الله أولى أن يُتَّبَع، فقال عمر: أحرِق سجل هشام، فأحرقه وردَّ على النصراني ضيعتَه، فلما ولي هشام الخلافة استُؤذن في أخذ الضَّبعة فقال: لا أردُّ حُكمًا حكم به عمر (١).

[وحكى ابن سعد عن الواقدي قال: لما بدأ عمر بأهل بيته في ردِّ ما كان بأيديهم من المظالم قال عمر بن الوليد بن عبد الملك: لا تلوموه ولوموا أنفسكم، عمدتم إلى رجل من آل عمر بن الخطاب فوليتموه عليكم، ففعل بكم هذا.

وحكى ابن سعد عن] الواقدي قال: قال عمر لما ولي الخلافة: ينبغي أن أبدأ بنفسي، فنظر إلى ما في يده من أرض ومتاع فخرج منه، حتى فَصِّ خاتم أعطاه إياه الوليد من غنائم إفريقية، وما زال يردُّ المظالم من زمن معاوية بن أبي سفيان إلى زمن سليمان بن عبد الملك (٢).

وقال هشام بن محمد [عن أبيه قال:] لما جاءت الجمعة التي ولي عمر قبلها خطب، فلما بلغ المكان الذي كانت بنو أمية تسبُّ فيه أمير المؤمنين عليًّا ﵁ قال: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ الآية [النحل: ٩٠] ثم نزل، فكان ذلك أشقّ علي بني أمية من ردّ المظالم، وقالوا: غيَّر سنَّة الخلفاء، وبلغ عمر فقال على المنبر: إنما غيَّرتُ البِدعة وأحييتُ السنَّة.

وقيل: إن بني أمية كانوا يقولون: اللهم صلِّ على معاوية وجدِّه، لقد لقينا من علي جهده، فلما ولي يزيد أعاد سب أمير المؤمنين (٣).

وقال الهيثم: كان عمر بن عبد العزيز يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مَسعود الهُذَليّ بالمدينة لما كان واليًا، فذكر عمر عليًّا يومًا فنال منه، فقال له عبيد الله:


(١) "أنساب الأشراف" ٧/ ١١٤.
(٢) "طبقات ابن سعد" ٧/ ٣٣٥ وما بين معكوفين من (ص).
(٣) بعدها في (ص): قال الواقدي: وما زال عمر يرد المظالم حتى مات … وقد سلف هذا الخبر قريبًا.