للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُيِّر فقيل له: مات أبوك بَشِمًا وأمُّك بَغَرًا (١)، وكانت أُمُّه قد حَجَّت فعَطِشت بطريق مكّة، فأكثرت من شُرب الماء فماتت.

ويقال: إن صالح بن عبد الله قتله يوم نَهرِ أبي فُطْرُس (٢).

وأمَّا عبد الواحد فكُنيته أبو عثمان، وقيل: أبو خالد، وأمه أم عمرو بنت عبد الله بن خالد بن أَسِيد بن أبي العِيص بن أُميَّة.

ولي الموسم لمروان بن محمد، وكان عاملَه على المدينة، وكان أميرًا على الموسم سنة تسع وعشرين ومئة، ونزلت الحرورية بعرفات على النَّاس من كل وجه، فأرسل إليهم عبد الواحد جماعةً من قريش؛ منهم: عبد الله بن حسن بن حسن، وأُميّة بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعبد العزيز بن عبد الله [بن عبد الله] بن عمر بن الخطاب، فسألوهم أن يكفُّوا عن النَّاس حتَّى يَفْرُغوا من حجِّهم فكفّوا، فلما كان يوم النَّفْر الأول خرج عبد الواحد كأنه يُفيض، فركب رواحِلَه ومضى إلى المدينة، وترك أثقاله بمِنًى.

وقال الزُّبير بن بكار: كان عبد الواحد جوادًا مُمَدَّحًا، وقد مدحه إبراهيم بن هَرْمَة كثيرًا، وكان قد أغناه، وأخذ عليه العَهد أن لا يمدحَ غيره، فلما عُزل عبد الواحد عن المدينة وجاء أميرٌ غيره مدحه ابن هَرْمَة، فعُزل ذلك الأمير وأُعيد عبد الواحد إلى المدينة، فجاء إليه ابن هرمة فحجبه، ولم يقبل فيه شَفاعةَ أحد، فتشفَّع إليه بعبد الله بن حسن بن حسن، فركب معه إليه، فلما دخل على عبد الواحد قام له وأكرمه وقال: ألك حاجة؟ قال: نعم، قال: كلُّ حوائجك مَقضيَّة إلَّا ما كان من ابن هَرْمة، فقال: ما أريد غيرها، فشفَّعه فيه، وأذن له فدخل فأنشده: [من الوافر]

أعبدَ الواحدِ المأمول إنِّي … أَغَصُّ حِذارَ سُخْطِك بالقَراحِ

رأينا غالبًا خُلقتْ جَناحًا … وكان أبوك قادِمَةَ الجَناحِ


(١) البشم: التخمة، والبغر: أن يشرب فلا يروَى، فيصيبه داء من كثرة الشرب. وانظر الخبر في "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٣، و"تاريخ دمشق" ٦/ ٢٣ - ٢٤ (مخطوط).
(٢) رده ابن عساكر وقال: ولا أظنه بقي إلى ذلك الوقت.