للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاسم فقال: رحم الله عُمر، إنَّ القاسم ليضعف عن أُهَيلِهِ، فكيف يقومُ بأمرِ أمَّةِ محمد ﷺ (١)؟!

وكان عُمر ﵁ يقول: لو كان إليَّ من الأمر شيءٌ ما عَدَوْتُ بها القاسم، أو صاحب الأَعوص. يعني إسماعيل بن عَمرو بن سعيد بن العاص. وكان عابدًا منقطعًا اعتزل الناس، فنزل الأَعْوص (٢).

وإسماعيل هذا هو أبو محمد الأموي، كان عالمًا زاهدًا، وكان مع أبيه لما غلبَ على دمشق، ثم سيَّره عبد الملك إلى الحجاز مع إخوته، ثم سكن الأعوص، واعتزل الناس، فلم يدخل في شيء من أمور الدنيا، وكان عمر بن عبد العزيز يراه أهلًا للخلافة (٣).

وروى عن ابن عباس وغيره، وروى عنه شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وغيره.

وقال الزُّبير بن بكَّار: كان يسكنُ الأعْوَص شرقيَّ المدينة على بضعة عشر ميلًا -وقيل: على بريد منها- ولم يلتبس بشيء من الدنيا ولا سلطان بني أمية (٤).

وعاش إلى أيام بني العباس، ولما قدم داود بنُ علي المدينة قيل لإسماعيل: لو تحوَّلتَ. فقال: لا والله. فلم يعرض له داود، وعاش بعد ذلك يسيرًا، ومات ﵀.

وقتلَ داود جماعةً من بني أمية، ثم اجتمعَ بإسماعيل، فقال له داود: أساءك ما فعلتُ بأصحابك؟ فقال: كانوا يدًا فقطعتَها، وعَضُدًا فبَتَتَّها، ورُكْنًا فهدمتَه، وجناحًا فهِضْتَه (٥). قال داود: فإني خليقٌ أن أُلحقَك بهم. فقال: إني إذًا لسعيد (٦).


(١) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٣٨.
(٢) المصدر السابق. والأَعْوص: موضع قرب المدينة، وسيذكره المصنف بعد أسطر.
(٣) تاريخ دمشق ٢/ ٨٦٨ (مصورة دار البشير). وينظر "طبقات" ابن سعد ٧/ ٤٥٣.
(٤) أخرجه ابن عساكر ٢/ ٨٦٩ عن الزبير بن بكار.
(٥) أي: كسرته. وفي "تاريخ دمشق" ٢/ ٨٧٠: نتفته.
(٦) تاريخ دمشق ٢/ ٨٧٠ (مصورة دار البشير).