للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخضر، فسأل العلماء بالأخبار فقالوا: هذا قبر إسماعيل وأمّه، قالوا: والمحدودب مما يلي الركن الشامي فيه قبور العذارى من بنات إسماعيل وكلَّما سوّي مع أرض المسجد عاد محدودبًا كما كان (١).

وذكر محمد بن سعد في "الطبقات" عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال: ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة: قبر إسماعيل فإنه تحت ميزاب الكعبة بين الركن والمقام، وقبر هود فإنه في حقف من الرمل تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة خضراء تندَى دائمًا، وموضعه أشدّ الأرض حرًّا، وقد ذكرناه، وقبر رسول الله (٢).

قلت: كذا ذكر ابن سعد ولم يذكر الخليل وهو ثابت أيضًا بالتواتر أكثر من قبر إسماعيل وهود.

[فصل في قيذار ونبت، وجرهم وأمر الكعبة]

واختلفوا فيهما على قولين: أحدهما: أنَّ نَبْت بن إسماعيل وقيذار أخوه. والثاني: أن قيذار بن إسماعيل ونبت بن قيذار.

ولما ماتا غلبت جُرهم على البيت، وكانت أم نبت جُرهميَّة، وأبوها مُضاض بن عمرو الجرهميِّ، وولده الحارث بن مُضاض، تولى البيت والحارث أوَّل مَن وليه من جرهم، وقيل مُضاض، وكان ينزل بقُعَيقعان، وكل من دخل مكة يعشِّره. وملَّكتِ العماليق السَّمَيدَعَ بن هوبر فنزل أجياد أسفل مكة، فكان كل من خرج منها يعشِّره، وجرت بينهم حروب كثيرة. وإنما سمي قُعَيقِعان لأنه لما خرج الحارث بن مُضاض لحرب العمالقة تقعقعت هناك الدَّرَق والسيوف والرِّماح، وخرج السَّمَيدَع ملِك العمالقة فنزل بالجياد من الخيل هناك فقيل أجياد، وإلى هلمَّ جرًّا، ثم بعد ذلك اصطلحوا ونحروا الجزر هناك فسمي ذلك الموضع طابخ (٣).

وكانت ولاية جرهم البيت ثلاث مئة سنة وآخر ملوكهم الحارث بن مُضاض الأصغر


(١) المنتظم ١/ ٣٠٥.
(٢) "الطبقات الكبرى" ١/ ٥٢، والمنتظم ١/ ٣٠٦.
(٣) في (ب): "كانح".