للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رغبة ولا رهبة، ولكن بغيًا للإسلام، وإنَّ أميرَ المؤمنين حرَّقهم بالنار، ونفاهم من البلدان، فنفى عبدَ الله بن سبأ إلى ساباط، وعُبيد الله أخاه إلى الخازِر (١).

قالت اليهود: لا يكون الملكُ: لا في آل داود، وقالت الرافضة: لا يكونُ الملك إلا في آل عليّ. وقالت اليهود: لا جهاد حتى يخرج المسيح، وقالت الرافضة: لا جهاد حتى يخرج المنتظر المهديّ، واليهود تؤخِّر صلاةَ المغرب حتى تشتبك النجوم، وكذا الرافضة، واليهود لا ترى الطلاق الثلاث، وكذا الرافضة، واليهود حرَّفوا التوراة، والرافضة حرَّفوا القرآن، واليهود تستحلُّ دماء المسلمين، وكذا الرافضة، واليهود تنحرف عن القبلة، وكذا الرافضة؛ يقولون: غلط في الوحي على محمد ﷺ، وترك عليًّا، واليهود والنصارى يفضَّلون على الرافضة بخصلتين؛ سُئلت اليهود: مَنْ خيرُ ملَّتكم؟ قالوا: أصحاب موسى. وكذا النصارى قالوا: أصحاب عيسى. وسُئلت الرافضة: مَن شرُّ ملَّتكم؟ قالوا: أصحاب محمد ﷺ. أمرَهم الله بالاستغفار لهم، فسبُّوهم، والسيف مسلول عليهم إلى يوم القيامة، لا تثبت لهم قدم، ولا تقومُ لهم راية، ولا تُجمع لهم كلمة، دعوتُهم مدحوضة، وجمعهم متفرِّق، وكلَّما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله.

ثم قال: ما أُشبِّه تأويلَهم إلا بتأويل رجلٍ مضعوفٍ من بني مخزوم، رأيتُه قاعدًا بفِناء الكعبة، فقال: يا شعبيّ، ما عندك في تأويل هذا البيت:

بيتٌ (٢) زُرارةُ مُحْتَبٍ بفنِائِهِ … ومُجاشِعٌ وأبو الفوارسِ نَهْشَلُ

قلت: وما معناه؟ قال: بنو تميم يغلطون فيه ويقولون: إنما قيل في رجالهم. قلتُ: فما عندك أنت فيه؟ فقال: ما أرادَ بالبيت إلا هذا البيت. وأشارَ إلى الكعبة وزُرارة هو


(١) الخازر: موضع بين إربال والموصل. وينظر "معجم البلدان" ٢/ ٢٣٧، ووقع في "العقد الفريد": وعبد الله بن سباب نفاه إلى الجازر، وفي "شرح أصول الاعتقاد": وعبد الله بن شباب نفاه إلى جازت (؟). والجازر: قرية من أعمال بغداد، قرب المدائن. ينظر "معجم البلدان" ٢/ ٩٤.
(٢) كذا في (خ) (والكلام منها). وهو في روايته منصوب على البدل من لفظة "بيتًا" في البيت قبله أول قصيدة للفرزدق في "ديوانه" ٢/ ١٥٥، ومطلعها:
إنَّ الذي سَمَكَ السماء بنى لنا … بيتًا دعائمُه أعزُّ وأطولُ