للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلهَّفْتَ عليَّ، وقلتُ لك: لا تُصَدِّقَن بما لا يكون، وقد صدَّقتَ، فإنه لو جمعت عظامي ولحمي وريشي لم يبلغ عشرين مثقالًا، فكيف يكون في حوصلتي دُرَّةٌ عشرون مثقالًا؟!] (١).

وسأله سائل: هل لإبليس زوجة؟ فقال: ذاك عُرسٌ ما شهدتُه. ثم فكَّر وقرأ: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي﴾ [الكهف: ٥٠] أفتكون ذُرِّيَّةٌ إلا من زوجة (٢)؟!

وقال هارون بن معروف: تقدَّم رجلٌ وامرأتُه إلى الشعبيّ في حكومة وهو قاضٍ، فأظهَرَتْ حجَّتَها، وأثبتَتْ بَيِّنَتَها، وكانت جميلة، فقضى الشعبيّ على الزوج حيث لم يكن له بيِّنة، فقال الزوج:

فُتِنَ الشعبيُّ لمَّا … رَفَعَ الطَّرْفَ إليها

فَتَنَتْهُ بدَلالٍ … وبخَطَّيْ حاجِبَيها

فمشَتْ مَشْيًا رُوَيدًا … ثم هزَّتْ مَنْكِبَيها

قال للجِلْوازِ قَدِّمْـ … ـها وأحْضرْ شاهِدَيها

فقَضَى جَوْرًا على الخَصـ … ـم ولم يَقْضِ عليها

وسمعه الشعبيُّ، فقال: إن كنتَ كاذبًا فأعمى اللهُ بصرك. فعمي في الحال (٣).

قال صاحب "العِقْد" (٤): دخلَ الشعبيُّ على عبد الملك بن مروان، فلما رآه؛ تبسَّم وقال:

فُتِنَ الشعبيُّ لمَّا … [رَفَعَ الطَّرْفَ إليها]


(١) من قوله: وحكى الخطيب عن أشياخه قالوا … إلى هذا الموضع (وهو ما بين حاصرتين) من (ص). والخبران في "العقد الفريد" كما سلف ولفظ (قال هات الثانية) بين قوسين منه.
(٢) بنحوه في "تاريخ دمشق" ص ٢٣١ و ٢٣٢ - ٢٣٣. ولم يرد هذا الخبر في النسخة (ص).
(٣) الخبر في "تاريخ دمشق" من أكثر من رواية فيه ص ٢٢١ - ٢٢٤ ولفظه أعلاه أقرب إلى رواية "العقد الفريد" ١/ ٩١، وقد نُسب في (ص) إلى ابن عساكر، وليس هو عنده من رواية هارون بن معروف كما جاء هنا، إنما ساق ابنُ عساكر لهارون هذا خبرًا آخر قبله. والله أعلم.
(٤) العقد الفريد ١/ ٩١ وما سيرد بين حاصرتين منه. ومن بعده، حتى قوله: واتفقوا على فضله وصدقه وثقته (بعد صفحتين) ليس في (ص).