للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرى الإقبال منكِ على جليسي … وما لي في حديثكما (١) نصيبُ

فقالت سَلَّامة:

لأنَّ اللهَ علَّقَهُ فؤادي … فحازَ القلبَ دونَكُمُ حبيبُ

فقال الأحوص:

خليلي لا تَلُمْها في هواها … ألذُّ العيش ما تَهْوَى القلوبُ

فخرج ابنُ حسان إلى يزيد بن عبد الملك (٢) ممتدحًا له، فأكرمه ووصله، فقال: يا أمير المؤمنين، عندي نصيحةٌ، فقال: وما هي؟ قال: جارية بالمدينة لامرأةٍ من قريش. ووصفَها له، وقال: لا تصلح إلا لك. فبعث إلى عامله، فاشتراها وحملَها إليه، فوقعت منه موقعًا.

وعاد عبد الرحمن إلى المدينة ومر بالأحوص، وإذا به متبسِّم، فأنشده:

يا مبتلًى بالحبِّ مفدوحًا … ولاقيًا منه تباريحا

ألجمَهُ الحبُّ فما ينثني … إلا بكأس الحبِّ مصبوحَا

وصارَ ما يُعجبُهُ مغْلَقًا … عنهُ وما يكرهُ مفتوحَا

قد حازَها مَنْ أصبَحَتْ عنده … ينالُ منها الشَّمَّ والرِّيحَا

خليفةُ الله فَسَلِّ الهوى … فعَزَّ قلبًا منك مقروحا (٣)

وقال ابن عساكر (٤):

بعث يزيدُ بنُ عبد الملك إلى المدينة، فاشترى سلَّامة بعشرين ألفَ دينار، فخرج أهلُها يودِّعُونها، فامتلأ المكان بالناس، فقالت:

فارقُوني وقد علمتُ يقينًا … ما لِمَنْ ذاقَ فُرْقةً (٥) من إيابِ


(١) في "الأغاني" ٩/ ١٣٤: … على خليلي وما لي في حديثكُم …
(٢) في "الأغاني" ٩/ ١٣٤: يزيد بن معاوية، والقصة في سلامة جاريته كما سلف قبل تعليق ..
(٣) في "الأغاني" ٩/ ١٣٥: مجروحا (وينظر الخبر فيه).
(٤) رجع الكلام على سلّامة جارية يزيد بن عبد الملك، وهو في "تاريخ دمشق" ص ١٩١ (طبعة مجمع دمشق - تراجم النساء).
(٥) في "الأغاني" ٨/ ٣٤٣، و"تاريخ دمشق" ص ١٩١: ميتة.