للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام أحمد بن حنبل: كانوا أربعة إخوة، أكبرهم وهب، ومعقل، وهمَّام، وغَيلان، وهو أصغرهم، وهو جدُّ غوث (١). مات وهب، ثم معقل، ثم غيلان، ثم همام آخرهم (٢).

وقال أبو أحمد العجلي: كان وَهْب قاضيًا على صنعاء، وهو تابعي ثقة، وله المواعظ البالغة (٣).

وقال ابن أبي الدنيا بإسناده عن وَهْب قال: الإيمان (عُريان)، ولباسُه التقوى، وزينتُه الحياء، ورأس ماله الفقه (٤).

ورُوي عن وَهْب أنه قال في مواعظه: يا ابنَ آدم؛ لا أقوى من خالق، ولا أضعف من مخلوق، ولا أقدر من طالب، ولا أضعف من مطلوب في يد طالبه (٥). يا ابن آدم؛ إنه قد ذهب منك ما لا يرجعُ إليك، وأقام معك ما سيذهب عنك، أقْصِر عن تناول ما لا تَنال، وعن طلب ما لا تُدرك، وعن ابتغاء ما لا يوجد. يا ابن آدم؛ انظر إلى الدهر تجده ثلاثة أيام: يومًا مضى لا ترتجيه، ويومًا لابدّ منه، ويومًا يجيءُ (٦) لا تأمنه، فأمس شاهد مقبول، وأمين مؤدٍّ، وحكم نافذ الحكم، واليوم صديق مودّع وهو سريع الظَّعْن، وغدًا مظنون. يا ابن آدم؛ مضت أصول نحن فروعُها، فما بقاء الفروع بعد الأصول؟! يا ابن آدم؛ إنما أهل هذه الدنيا -أو الدار- سَفْر؛ لا يَحُلُّون عُقَد الرِّحال إلا في غيرها، وإنما يتبلَّغُون بالعواري، فما أحسن الشكر للمنعم، والتسليم للمُعير (٧).


(١) تحرفت في (ص) (والكلام منها) إلى: برغوث.
(٢) تاريخ دمشق ١٧/ ٩٥٠. وينظر "علل" أحمد ٢/ ٣٩٦.
(٣) لم أعرف أبا أحمد العجلي، وقد سلف ذكره أكثر من مرة، وصاحب "الثقات" هو أحمد العجلي، والكلام في "ثقاته" ص ٤٦٧ بنحوه.
(٤) مكارم الأخلاق (٩٧) لابن أبي الدنيا، وتاريخ دمشق ١٧/ ٩٥٩ (مصورة دار البشير). وكلمة (عريان) بين قوسين عاديين منهما.
(٥) في "حلية الأولياء" ٤/ ٣٠: ولا أقدرَ ممن طَلِبتُه في يده، ولا أضعف ممن هو في يد طالبه.
(٦) في (ص) (والكلام منها): نحن فيه، بدل: يجيءُ. والمثبت من "الحلية" ٤/ ٣٠.
(٧) الكلام في "الحلية" ٤/ ٣٠ - ٣١، و"الصفوة" ٢/ ٢٩١ - ٢٩٢ بأطول منه وباختلاف يسير.