للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شاعرًا مجيدًا من الفرسان المعدودين، جوادًا شجاعًا سخيًّا، صاحب فتوَّة وغَزَل.

غزا القسطنطينية في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك، فقلَّت النفقةُ على الناس، فقال: يا معاشر التُّجَّار، من احتاجَ من الغُزاة إلى مال، فأعطُوه وأنا ضامنٌ له. فأعطَوْهم عشرين ألفَ دينار، فلما وَلِيَ عُمر بنُ عبد العزيز قال: بيتُ مالِ المسلمين أوسعُ من بيت مال العَرْجيّ. فقَضَى عمر التجَّار من بيت المال (١).

وسبب حبسِ إبراهيمَ بنِ هشام العَرْجيَّ أن العَرْجيَّ وكَّل بِحُرَمِهِ مولًى له، وقيل: كان مولَى لعبد الله بن عُمر، فقيل له لما قدم: إنه كان يُخالف إلى أهلك، فقتلَه، فحبسَه لأجله (٢).

وقيل: إن الَّذي حبسه محمد بنُ هشام أخو إبراهيم، وكان قد شبَّبَ بأمِّه، واسمُها جَيداء.

ومن شعره:

إلى جَيدَاءَ قد بعثُوا رسولًا … ليُخبرَها فلا صُحِبَ الرسولُ

كأنَّ العامَ ليس بعامِ حَجٍّ … تغيَّرتِ المواسمُ والشُّكُولُ (٣)

ومعناه أنَّه بعث الرسول إليها ليخبرَها بسلامة ابنها، وإنَّما شبَّب بأمِّه ليفضحه، فكان محمد يقول لأمِّه: أنت غَضَضْتِ منِّي، وحطَطْتِ من منزلتي، ولو كانت أمي من قُريش لما ولي الخلافة غيري (٤).

وشبَّب العَرْجيُّ بزوجة محمد أيضًا -واسمها جَبْرَة- فقال:

عُوجي عليَّ وسلِّمي جَبْرُ … ماذا الوقوفُ (٥) وأنتمُ سَفْرُ

ما نلتقي إلا ثلاثَ منى … حتَّى يُفَرِّقَ بيننا الدهرُ (٦)

الحَوْلُ بعدَ الحَوْلِ يتبعُهُ … ما الدهرُ إلا العامُ (٧) والشهرُ


(١) أنساب الأشراف ٥/ ٢٦٤، والأغاني ١/ ٣٩٥، وتاريخ دمشق ٣٧/ ١٣٢.
(٢) أنساب الأشراف ٥/ ٢٦٦. وينظر "الشعر والشعراء" ٢/ ٥٧٤.
(٣) أنساب الأشراف ٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥، والأغاني ١/ ٤٠٦.
(٤) الأغاني ١/ ٤٠٩.
(٥) في المصدر السابق: فيم الصدود، وفي "تاريخ دمشق" ٣٧/ ١٣٣: فيم الوقوف.
(٦) في المصدرين السابقين: النَّفْر.
(٧) في "الأغاني" ١/ ٤٠٩: الحول.