للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وروى ابن عساكر أيضًا أنه مات بمَرْو في خُراسان]. ورثاه جماعة من الشعراء، منهم عيسى بن عَصبَة (١) أبو جُويرة، فقال:

هلك (٢) الجُودُ والجُنَيدُ جميعًا … فعلى الجود والجُنَيدِ السلامُ

أصْبَحا ثاوَيينِ في بطن مَرْوٍ … ما تغنَّى على الغصونِ الحَمَامُ (٣)

كنتُما نُهْزَةَ الكرامِ فلمَّا … مِتَّ ماتَ النَّدَى وماتَ الكِرامُ

ثم إنَّ عيسى [بن عَصَبَة] قدم العراق، فلما دخل على خالد القسريّ يمدحُه قال له: ألستَ القائل (٤): ذهب (٥) الجودُ والجُنَيدُ جميعأ؟! اذهب إلى حيثُ دفنتَ الجُودَ فاستخرِجْهُ (٦). فقال: أنا قائل هذا، وأنا الذي أقول:

لو كان يقعدُ فوق الشمس من كَرَمٍ … قومٌ بأوَّلهم أو مَجْدِهم قَعَدُوا

أوْ خَلَّدَ الجُودُ أقوامًا ذَوي حَسَبٍ … فيما يحاولُ من آجالهم خَلَدُوا

قومٌ أبوهُمْ سِنانٌ حينَ تَنْسِبُهمْ … طابوا وطابَ من الأولاد ما وَلَدُوا

يُحَسَّدُونَ على ما كان من نِعَمٍ … لا يَنْزغُ اللهُ عنهم ما لَه حُسِدُوا

فخرج ولم يعطه شيئًا (٧).

وقوله: أبوهم سِنان، هو جدُّ الجُنَيد؛ لأنه الجُنَيد بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث بن خارجة بن سِنان المُرِّيّ.


(١) تحرف في النسخ إلى: عصمة، وكذا في الموضع التالي. وهو عيسى بن أوس بن عصبة، كما في "المؤتلف والمختلف" للآمدي ص ١٠٧، والخبر في "تاريخ" دمشق ٤/ ٤٦ (مصورة دار البشير- ترجمة الجنيد).
(٢) في رواية في "تاريخ دمشق" ٤/ ٤٥، و"مختصره" ٦/ ١٢٨: ذهب.
(٣) في (ص): حمام.
(٤) عبارة (ص): قدم العراق بعد ذلك، فامتدح خالد بن عبد الله القسري، فقال له خالد: ألست القائل …
(٥) في (ص): هلك. وينظر الكلام قبل تعليقين.
(٦) في (ص): ما لك عندنا شيء، بدل قوله: اذهب إلى حيث دفتتَ الجود فاستخرجه. ومن هذا الموضع إلى نهاية الترجمة، ليس في (ص).
(٧) الأمالي ١/ ١٠٥ - ١٠٦، وتاريخ دمشق ٤/ ٤٥. والبيتان الأول والأخير في "أنساب الأشراف" ١٢/ ١٥. وبعض الأبيات لزهير بن أبي سُلمى، وهي في "ديوانه" ص ٢٨٢، وينظر "تاريخ" الطبري ٤/ ٢٢٣، و"العقد الفريد" ٥/ ٢٩١.