للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُورصول فكسرَ يد خاقان، فحلف خاقان ليقتلنَّه، فانعزل كُورصُول بأصحابه ناحيةً، وبيَّتَ خاقان ليلًا فقتله، وانهزم الترك، ومال بعضهم إلى كُورصُول وانقضت أيام خاقان (١).

وبعث أسد (٢) إلى أخيه خالد بالفتح مع إبراهيم بن هشام على البريد، فبعث به إلى هشام بن عبد الملك، فأخبره، فلم يُصدِّقه، ثم تبيَّن بعد ذلك، فنزل عن سريره، وسجد سجدةَ الشكر.

فحسدت القيسيَّةُ أسدًا وخالدًا، وقالوا لهشام: هذا بعيد، فاكتبْ إلى خالد يكتبْ إلى أخيه أسد أن يبعثَ بمقاتل بن حيَّان، فهو رجلٌ صدوق، فكتبَ هشام إلى خالد، فبعث خالدٌ بكتاب هشام إلى أسد، فدعا بمقاتل بن حيَّان، وقال: سِرْ إلى الشام فأخبِرْ هشامًا بما عاينتَ، فأنتَ ما تقول إلا الحقَّ.

فسار مقاتل حتى قدم على هشام وعنده الأبرش الكلبي، فسأله، فقال: إنَّا غزونا الخُتَّل مع أسد، فغنمنا غنائم عظيمة، وأنفد ملك الخُتَّل فاستصرخ بخاقان، فلم نحفل بهم (٣)، حتى لحقونا، فاستباحوا بعضَ عسكرنا، وأُخذ منا بعضُ المتاع، ونساء من نساء العرب، ومضَوْا.

وجئنا إلى مشاتينا، فنزَلْنَا بَلْخ، فأقمنا، وبلَغَنا مجيءُ خاقان، فخرَجْنا إليه، فالتقينا برسداق الجُوْزجان، وأنزلَ اللهُ النصر علينا، فهزمناهم واستبحنا أموالهم ومواشيَهم.

وكان هشامٌ متَّكئًا، فاستوى جالسًا وقال: أنتُم استبحتُم عسكر خاقان؟ قال: نعم، وفعلنا به وصنَعْنا. قال: ثم ماذا؟ قال: وانهزم خاقان إلى بلاده، فقُتل.

قال هشام: إنَّ أسدًا لضعيف. فقال مقاتل: مهلًا يا أمير المؤمنين، واللهِ ما هو بضعيف، ولقد فعل فوق طاقته. قال: حاجتَك. قال: إن يزيد بن المهلَّب أخذَ من أبي مئة ألف درهم غَصْبًا. فكتب له بها، ففرَّقها مقاتل في أهلِه وورَثَة أبيه.


(١) يقارن بما في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٢٥.
(٢) لم يرد في (ص) الكلام من هذا الموضع إلى قوله: وفيها خرج المغيرة. (الصفحة التالية).
(٣) عبارة الطبري ٧/ ١٢٦: وأُنذر أسد بالترك، فلم نحفل بهم.