للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب إلى القرشي (١) كتابًا من جنس هذا يقول فيه:

وقد بلغ أميرَ المؤمنين بَسْطُ لسانِ خالد عليك، وإمساكُك عنه تعظيمًا لأمير المؤمنين مع مُؤلم ألفاظِه، وشِرار منطقه، وقد حمدَ أميرُ المؤمنين لك ذلك، وجعل أمرَ خالدٍ إليك في عَزْلِه وولايته، فإن عزلتَه؛ أُمضي عزلك إيّاه (٢)، وإن أقرَرْتَه؛ فتلك مِنَّةٌ عليه، لا يشركك فيها أمير المؤمنين (٣).

ومنها: أن رجلًا مَن أهل الشام قال لهشام: سمعتُ خالدًا يذكرُ أميرَ المؤمنين بما لا أقدرُ على ذكره. قال: قال: الأحول؟ قال: بل أعظم من هذا.

ولمَّا كثَّر الناسُ على خالد؛ عزمَ هشامٌ على عزله، وأخفى ما قد عزم عليه من أمره، وكتب إلى يوسف بن عُمر الثقفيِّ كتابًا بخطِّه وهو باليمن، فيه: سِرْ إلى العراق، فقد ولَّيتُك إيَّاه، وإيَّاك أنْ تُخبر بذلك أحدًا، وخُذِ ابنَ النصرانية وعماله واشْفِ صدري منهم.

فقدم في ثلاثين من أصحابه في جمادى الآخرة، ولما كان قريبًا من الكوفة؛ نزل فعرَّس، وكان طارق بن أبي زياد خليفةُ خالد بالكوفة قد ختنَ ولده، فأهْدَى [له] (٤) ألفَ عتيق، وألفَ وصيف، وألفَ وصيفة؛ سوى الثياب والأموال.

وجاء يوسف، فدخل المسجد، وصلَّى بالناس صلاة الفجر، وأرادَ العَسَسُ خالدًا، فخرج (٥) [طارق] (٦) من الكوفة إليه وهو بواسط، فقال له: ما أقدمَك؟ قال: أتيتُ معزِّيًا للأمير في أسد، وكان الواجبُ أن أسعى ماشيًا. فبكى خالد وقال له: ارجعْ إلى عملك. فأخبرَه طارقٌ الخبر، فقال له خالد: فما الرأي؟ قال: تركبُ إلى أمير


(١) في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٤٥: ابن عَمرو.
(٢) لفظة "إياه" من (د).
(٣) ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ١٤٤ - ١٤٥.
(٤) لفظة "له" بين حاصرتين، من "تاريخ" الطبري ٧/ ١٤٧، وفي "الكامل" ٥/ ٢٢١: فأهدى إليه.
(٥) في (خ): خارجًا، بدل: فخرج، والمثبت من (ب) و (د)، والكلام ليس في (ص). وينظر التعليق التالي.
(٦) لفظة "طارق" بين حاصرتين زيادة لابدّ منها. وقد وقع في هذا الكلام دمج روايتين، ففي "تاريخ" الطبري ٧/ ١٤٧ - ١٤٨، و"الكامل" ٥/ ٢٢١ آخر الرواية الأولى أن يوسف دخل المسجد وصليَّ بالناس صلاة الفجر، ثم أرسل إلى طارق وخالد، فأخذهما وإن القدور لتغلي. ثم جاء فيهما بعدها رواية مطوَّله، وفيها ما سيرد من أن طارقًا خرج … إلخ.