للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال:] وقيل له: ما هذا الذي تصنع بنفسك؟ فقال: صِدْتُ حمامًا منذ أربعين سنة وقد تصدَّقتُ بثمنه مرارًا. كأنه لم يعرف صاحبه (١).

و [روى ابن أبي الدنيا أن عطاءً] كان يقول: التمسوا لي هذه الرُّخَصَ لعلِّي أن ألقى اللهَ وأنا حَسَنُ الظنِّ به (٢).

[قال:] وقيل له: ما تشتهي؟ قال: أبكي حتَّى لا أقدر أن أبكي. وكان دموعه الدهر سائلة على خديه (٣).

و [قال عليُّ بن بكَّار:] مكثَ على فراشه أربعين سنة لا يقوم ولا يخرج من مكانه من الخوف (٤).

ولقد كانت الفاكهة تجيءُ وتمرُّ وهو لا يعرفُها (٥).

وكانت وفاتُه بالبصرة في هذه السنة، فأدرك أيام أنس، ولقيَ الحسن، وابنَ سِيرين، ومالك بنَ دينار، وخلقًا من هذه الطَّبقة، وشغَلَتْه العبادة عن الرواية (٦).

وروى ابنُ أبي الدنيا عن صالح المُرِّيّ قال: لما مات عطاء (٧) حزنتُ عليه حزنًا شديدًا، فرأَيتُه في المنام، فقلتُ: يَا أَبا محمَّد، ألستَ في زمرة الموتى؟ قال: بلى. قلتُ: فإلامَ صرتَ إليه؟ فقال: إلى خير كثير وربٍّ غفور شكور. قلت: واللهِ لقد كنتَ طويلَ الحزنِ في الدنيا. فتبسَّم وقال: أما واللهِ يَا أَبا بِشر، لقد أعقبني ذلك راحةً طويلة، وفرحًا دائمًا. قلت: ففي أيِّ الدرجات أَنْتَ؟ قال: ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩] (٨).


(١) المصدران السابقان.
(٢) بنحوه في "حلية الأولياء" ٦/ ٢١٧، و"صفة الصفوة" ٣/ ٣٢٩. والكلام بين حاصرتين من (ص).
(٣) صفة الصفوة ٣/ ٣٢٩.
(٤) حلية الأولياء ٦/ ٢١٧، وصفة الصفوة ٣/ ٣٢٩. والكلام بين حاصرتين من (ص).
(٥) حلية الأولياء ٦/ ٢٢٣، وصفة الصفوة ٣/ ٣٢٩.
(٦) صفة الصفوة ٣/ ٣٣٠.
(٧) في (ب) وخ) و (د): وقال صالح المُرّيّ لما مات عطاء … والمثبت من (ص).
(٨) حلية الأولياء ٦/ ١٧٢ (ترجمة صالح المُرّيّ)، وصفة الصفوة ٣/ ٣٣٠ - ٣٣١.