للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال أبو الزِّناد:] فكنتُ يومًا عند هشام في الفسطاط وأنا أسمعُ كلامَ الزُّهْريّ في الوليد وأتغافل. ودخل الحاجبُ فقال: هذا الوليدُ على الباب. فأذِنَ له، فلما دخلَ أوسعَ له هشام على فراشه، وأنا أعرف في وجه الوليد الغضبَ والشَّرّ.

فلما استُخلفَ الوليدُ؛ دعاني فقال لي: أرأيتَ يومَ دخلتُ على الأحول وأنتَ عنده، والزُّهْريُّ يقدح فيَّ؟ فقلت: نعم. فمن أين علمتَ؟ قال: الخادم الذي كان قائمًا على رأس الأحول حدَّثَني بذلك قبل أن أدخل إليكم، وأخبرني أنك لم تنطق بحرف. فقلت: نعم. قال: قد كنتُ عاهدتُ اللهَ لئن أمكنني من الزُّهْريّ لأَقتلنَّه، وقد فاتَني (١).

وكان الزُّهْريُّ قد اتَّعَدَ هو وابنُ هشام إن مات هشام قبلهما أن يلحقا بجبل الدُّخان. فمات الزُّهْري قبل هشام بأربعة أشهر -وقيل: بأشهر- سنة أربع وعشرين ومئة (٢).

قال ابنُ سعد: وقال محمَّد بن عمر: قَدِمَ الزُّهْريُّ في سنة أربع وعشرين ومئة إلى أمواله بثلبة (٣) بشَغْب وبَدَا، فأقام فيها، فمرض هناك، فمات، وأوصى أن يُدفن على قارعة الطريق، ومات لسبع عشرة من شهر رمضان وهو ابنُ خمس وسبعين سنة.

وقال ابنُ سعد: وأخبرني الحسين بن المتوكِّل العسقلاني قال: رأيتُ قبر الزُّهْرِيّ بأَدَامَى، وهي خلف شَغْب وبَدَا، وهي من أول محمل فلسطين، وآخر عمل الحجاز، وبها ضَيعَةُ الزُّهْرِيّ التي كان فيها (٤). قال: رأيت قبره مجصّصًا أبيض.

قال ابنُ سعد: قالوا: وكان الزهريُّ ثِقَة كثير الحديث والعلم والرواية، فقيهًا جامعًا.

هذا صورة ما ذكره ابنُ سعد. وقال هشام: مات سنة خمس وعشرين ومئة. والأول أشهر (٥).


(١) طبقات ابن سعد ٧/ ٤٣٨ وما سلف بين حاصرتين منه. ولم يرد هذا الخبر في (ص).
(٢) طبقات ابن سعد ٧/ ٤٣٨ - ٤٣٩، وتاريخ دمشق ٦٤/ ٤٥٩. ومن أول هذه الفقرة حتى قوله: جبل الدخان، ليس في (ص).
(٣) كذا في (ص) و"طبقات" ابن سعد ٧/ ٤٣٩. ولم أعرفها.
(٤) ينظر "معجم البلدان"١/ ١٢٥ و ٣/ ٣٥١ - ٣٥٢.
(٥) ينظر "طبقات" ابن سعد ٧/ ٤٣٩. ومن قوله: قال ابن سعد: قال محمَّد بن عمر: قدم الزُّهْرِيّ … إلى هذا الموضع، بلفظه من (ص)، وجاء في النسخ الأخرى مختصرًا، ودون نسبة الأقوال لأصحابها.