للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الواقدي والهيثم: وليَ الوليد الخلافة وقد جاوز الأربعين، ووخطَه الشّيب (١).

ولم يَلِ الخلافة بعد عمِّه سوى اثنين: الوليد، والمعتضد [من بني العبَّاس بعد عمِّه المعتمد].

ولمَّا وليَ الوليد كتب إلى الآفاق بالبيعة له، وجاءته الوفود.

وكتب إليه مروان بن محمَّد -وكان واليًا على أرمينية وأذربيجان - كتابًا منه: بارك الله لأمير المُؤْمنين فيما صار إليه من ولاية عباده، ووراثةِ بلادِه، إنَّ سكرةَ الولاية حملَتْ هشامًا على ما حاول من تصغيرِ حقِّ أميرِ المُؤْمنين، ورامَ من الأمر المستصعب [عليه] الذي أجابه المدخُولُون في آرائهم وأديانهم، فوجد (٢) ما طمع فيه مستصعبًا، وزاحَتْه (٣) الأقدار بأشدِّ مناكبِها، وكان أميرُ المُؤْمنين بمكان حاطه الله فيه حتَّى آزره بأكرم مناطق الخلافة، فقام بما أراه (٤) الله له أهلًا، ونهض مستقلًّا بما حُمِّل منها، مثبتة ولايتُه في سابق القدر إلى الأجل المسمَّى.

فالحمد لله الذي اختاره لخلافته ووثائق (٥) عُرى دينه، وساق إليه ما كرهه الظالمون، فرفعه الله ووضعَهم، فمن أقامَ على تلك الخسيسة من الأمور أوبق نفسَه، وأسخط ربَّه، ومن عدلت به التوبة نازعًا عن الباطل إلى الحقّ وجد الله توَّابًا رحيمًا.

وإني نهضتُ إلى منبري لمَّا انتهى إليَّ ما خصَّ اللهُ به أميرَ المُؤْمنين، وأعلمتُ مَنْ قِبَلي، فاستبشَروا وبايعوني، فأكَّدْتُ عليهم العهودَ والمواثيق، فكلُّهم حَسُنَتْ إجابتُه، وحصلَتْ طاعتُه ومودَّتُه، فآتِهِمْ يَا أمير المُؤْمنين من مال الله الذي آتاك، فإنك أجودُ الخلائف جودًا، وأبسطُهم يدًا.


(١) ينظر "تاريخ دمشق" ١٧/ ٩٢١ - ٩٢٢ و ٩٣٦ - ٩٣٧ (مصورة دار البشير).
(٢) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): فوجدوا. والمثبت من"تاريخ" الطبري ٧/ ٢١٦.
(٣) في "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٩٥: فزحمتْه.
(٤) في النسخ المذكورة و"التذكرة الحمدونية" ٤/ ١٦٢: رآه. والمثبت من"تاريح" الطبري ٧/ ٢١٦.
(٥) الكلمة غير مجوَّدة في النسخ المذكورة. والمثبت من المصدر السابق. وفي "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٩٥: واختصه بوثائق، وفي "التذكرة الحمدونية" ٤/ ١٦٢: وقلَّده وثائق …