للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واللهِ ما عزلتُك وقد بقيَ من أديمك شيءٌ أتَمَسَّكُ به (١)

فلما قرأ كتابَه استرجع وقال: كنتُ واليًا، فأصبحتُ سوقةً. فقام رجل من بني أسد بن خُزيمة فقال:

فإنْ تكن الإمارةُ عنك زاحَتْ … فإنك للهشامِ وللوليدِ

وقد مرَّ الذي أصبحتَ فيهِ … على مروانَ ثمَّ على سعيدِ

فسُرِّيَ عنه، وأحسنَ جائزة الأسديّ (٢).

وقال خليفة: وفي سنة خمس وعشرين كتب الوليد إلى يوسف بن عمر، فقدمَ عليه، فدفعَ إليه خالدَ بنَ عبد الله القسريَّ، وإبراهيمَ ومحمدًا ابنَي هشام، وأمره بقتلهم. فحملهم إلى الحِيرة، وخالدٌ في عَباءة في شَقِّ مَحْمِل (٣)، فعذَّبَهم حتَّى قتلهم (٤).

وأمَّا محمَّد:

فقال الزُّبير: كان من وجوه قريش، حجَّ بالنَّاس سنة خمس عشرة ومئة، وثماني عشرة، وإحدى وعشرين، واثنتين وعشرين، وأربع وعشرين ومئة (٥).

وفي أيامه قُتل جعفر بن عُلْبة الحارثيّ.

وكان من حديثه أن محمدًا هذا تزوَّج أخت جعفر، وكان بينه وبين عقيل دمٌ، فاستجار بصهره محمَّد، فشكاه بنو عقيل إلى هشام بن عبد الملك، فكتب إلى محمَّد بإنصافهم، فلم يُنصفهم منه، وحبسه خوفًا عليه منهم، فشكوه (٦) مرارًا، فكان آخر الأمر أنَّ بني عقيل قالوا: يبرزُ لنا خصمُنا، ونحن نهبُ له الدم، فأخذ عليهم محمَّد العهود ألا يغدروه، فقال


(١) تاريخ دمشق ٢/ ٥٦٤. قوله: الأديم: يعني الجلد المدبوغ، وتَفَرَّى: تشقّق وتقطَّع، وتَعَيَّنَ: بَلِيَ ورَقَّ، والصَّنَاع؛ يقال: رجلٌ صَنَاع اليد: أي: ماهر في العمل فيها.
(٢) المصدر السابق. ومن قوله: وكان إبراهيم لما وليَ المدينة … إلى هذا الموضع، ليس في (ص)، وجاء فيها بدلًا منه قوله: وقد ذكرنا ولايةَ إبراهيم بن هشام على المدينة، وعزلَه عنها.
(٣) المَحْمِل: الهَوْدَج، أو العِدْلان على جانبي الدَّابة يُحمل فيهما، وهو المراد هنا.
(٤) تاريخ خليفة ص ٣٦٢. وسلف بنحوه قريبًا. وينظر "جمهرة نسب قريش" ٢/ ٧٤٠ - ٧٤١.
(٥) في تاريخ خليفة ص: ٣٤٦ و ٣٤٩ و ٣٥٢ و ٣٥٦ (السنوات المذكورة) وفيه أيضًا ص ٣٥٠ أنَّه حجَّ بالناس سنة عشرين ومئة.
(٦) في (خ): فسألوه. والمثبت من (ب) و (د). والكلام ليس في (ص).