للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَكَرَ العاذلون في بَكَرِ (١) الصُّبْـ … ــــــحِ يقولون لي ألا تَسْتَفِيقُ

ويلومون فيكِ يَا ابنة عبد اللـ … ــهِ والقلبُ عندكم موهوقُ (٢)

لستُ أُصْغِي إلى مَلَامِ عَذولٍ (٣) … أعَدُوٌّ يلومُني أم صديقُ

زانَها حسنُها وفرعٌ عميمٌ … وجَبِينٌ صَلْتٌ (٤) ووجهٌ أنِيقُ

نادمتُها على عُقارٍ كعين الـ … ـــــدِّيكِ صَفَّى سُلافها الرَّاووقُ

ثم كان المِزاجُ ماءَ سحابٍ … لا صَرًى آجِنٌ ولا مطروقُ

فدعا بالصَّبُوح يومًا فجاءَتْ … قَيْنةٌ في يمينها إبريقُ

فقال هشام: أحسنتَ يَا حمَّاد واللهِ. ثم قال للجارية: اسقيه. فسقَتْني شَرْبَةً أذهبَتْ ثُلث عقلي. وقال: أعِدْ. فأعدتُها، فطرب حتَّى نزل من فرشه وقال للجارية الأخرى: اسقِيه. فسقَتْني شَرْبَةً أذهبَتْ بثلثي عقلي. فقال هشام. إن شربتَ الثالثة افتضحْت، فسَلْ حوائجَك. فقلتُ: كائنةً ما كانت؟ قال: نعم. قلت: إحدى الجاريتين. قال: هما معًا لك بما عليهما وما لهما. ثم قال للأخرى: اسقيه. فسقَتني شَرْبَةً سقطتُ منها، فلم أعقل.

فلما أصبحتُ؛ إذا الجاريتان عند رأسي، وإذا عَشَرةٌ من الخدم؛ مع كل واحد بَدْرَة، فقال لي واحد: أميرُ المُؤْمنين يعتذرُ إليك، فخُذْ ما بعثَ به إليك. فأخذتُ البِدَرَ والجاريتين وانصرفتُ.

قلت: كذا ذكر القاضي التَّنوخي وأبو الفَرَج الأصفهاني أن الواقعة كانت مع هشام (٥).

وقال المُعافَى بن زكريا: وقد رُوي مثلُ هذا لحمَّاد مع يزيد بن عبد الملك، وهو أشبه؛ لأنه كان جوادًا، وهشام كان بخيلًا.


(١) في المصادر: في وَضَح.
(٢) أي: محبوس.
(٣) في المصادر الآتية: لست أدري إذ أكثروا العذل فيها.
(٤) أي: واضح في سعة وبريق. وجاء هذا الشطر برواية مختلفة عن المصادر.
(٥) الفرج بعد الشدة ٤/ ٢٨٧ - ٢٩٠، والأغاني ٦/ ٧٥ - ٧٧. وينظر "وفيات الأعيان" ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٩، و"تاريخ دمشق" ٥/ ٢٧٨ - ٢٧٩.