للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام: اثنان يتعجَّلان النَّصَب، ولعلهما لا يظفران بالبُغْية: الحريصُ في حرصه، ومعلِّمُ البليد بما لا يبلُغه فهمُه (١).

وقال لما تغيَّر على خالد القَسْرِيّ: الإفراط في الدالَّة تُفسد الحُرمة (٢).

[وقال أَيضًا:] (٣) نال رجل من عرض هشام فأحضره، فأخذ يعتذر، فقال له هشام: وتتكلَّم أَيضًا؟! فقال: إن الله تعالى يقول: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا﴾ [النحل: ١١١] أفنُجادِلُ اللهَ جدالًا ولا نُكلِّمُك كلامًا. فقال له هشام: تكلَّم بحجِّتك (٤).

[قال:] ودخل عليه أعرابيٌّ، فجلس يأكل على سِماطه، فتعلَّقَتْ شعرة بلقمة في يد الأعرابي، فقال له هشام: نَحِّ الشعرةَ من لقمتك. فقال الأعرابي: وكأنَّك تُلاحظُني ملاحظةَ من يرى الشعرةَ في اللقمة! واللهِ لا أكلتُ لك بعد اليوم طعامًا. ثم خرج وهو يقول:

ولَلموتُ خيرٌ من زيارة باخلٍ … يلاحظُ أطرافَ الأكيلِ على عَمْدِ (٥)

وبعث إليه خالد القَسْريُّ حاديًا وقال: ليس في الدُّنيا من يَحْدُو مثلَه، فأحضره هشام وحدا بين يديه، فقال:

قد همَّتِ الشمسُ ولما تَقْفُلِ … فَهيَ على الأُفْقِ كعينِ الأحولِ

فلم يقل هشام شيئًا (٦).

و [روى ابن أبي دريد، عن أبي عبيدة، عن يونس قال:] اشترى هشام جارية، وخلا بها، فقالت: يَا أمير المُؤْمنين، ما أطمعُ في منزلة أعلى من منزلتي هذه إذْ صِرتُ إلى الخلافة، ولكن أخافُ النَّار، فإنَّه ليس لها خطر. قال: وما ذاك؟ قالت: إن بعض ولدك


(١) أنساب الأشراف ٧/ ٣٢٧.
(٢) المصدر السابق ٧/ ٣٥٤. وهذا القول والذي قبله لم يردا في (ص).
(٣) يعني المدائني. والكلام بين حاصرتين من (ص). والكلام معطوف على ما ورد قبل قولين، لأنهما لم يردا في (ص).
(٤) العقد الفريد ٢/ ١٨٧.
(٥) المصدر السابق ٢/ ٤٥٧ و ٦/ ١٨٢.
(٦) الخبر بنحوه في "أنساب الأشراف" ٧/ ٣٣٠ - ٣٣١، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٢٠٧، و"الأغاني" ١٠/ ١٥٥، و"العقد الفريد" ١/ ٣١٨ و ٢/ ٣٠٦، و"التذكرة الحمدونية" ٣/ ٣٧٣، وفيها أن هشامًا غضب وطرده. ولم يرد الخبر في (ص).