للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم [والواقدي]: لما حجَّ الوليد بنُ يزيد في سنة ستَّ عشرة ومئة، وظهر منه من الفسق ما ظهر [وحملِه الخَمر في الصناديق إلى مكة، وكلابَ الصيد]، مَقَتَه هشام ونفاه، فخرج من الرُّصافة إلى الشَّام بأهله [وقيانه] فنزل ماءً [بالشام] يقال له: الأزرق، وقيل: [نزل على ماء يقال له]: الأغدق (١) [وخلَّف كاتبه عياضًا بالرُّصافة] وخرج معه بعبد الصمد بن عبد الأعلى، فجلسا يشربان يومًا [فقال الوليد لعبد الصمد: أنشدني]. فأنشده عبدُ الصمد أبياتًا منها:

لعلَّ الوليدَ دنا مُلْكُهُ … فأمسى إليه (٢) قد استجمعا

وكُنَّا نُؤمِّلُ في مُلْكِهِ … كتأميلِ ذي الجَدْب أن يُمْرِعَا

عَقَدْنا له مُحْكَمَاتِ العُهُو … دِ (٣) طوعًا وكان لها موضعا

فبلغ هشامًا، فكتب إلى الوليد: قد بلغني [أنك] اتخذت عبدَ الصمد الزنديقَ نديمًا وجليسًا، وقد تحقَّقَتْ عندي الآن زندقتُك ومروقُك عن الإِسلام، فإنْ عشتُ فسوف ترى.

ثم قطع ما كان يُجريه عليه وعلى عبد الصمد، ثم قال لابنه: إنَّ عِياضًا يكاتب الوليد، فاضربه ضربًا مبرّحًا. فضربه وسجنه، وبلغ الوليد فقال: مَنْ يثقُ بالنَّاس؟ هذا الأحول المشؤوم قدَّمه أبي [عليّ] ويفعل بي هذا؟! ثم تمثَّل:

أتشمخون ومنَّا (٤) رأسُ دولتِكم (٥) … ستعلمون إذا كانَتْ لنا دُوَلُ (٦)


(١) كذا في النسخ الأربعة، و"الأغاني" ٢/ ٢٤٠. ووقع في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢١١، و"الأغاني" ٧/ ٨: الأغدف. وفي "الأغاني" أَيضًا: الأبرق، بدل: الأزرق.
(٢) في النسخ: إليها. والمثبت من"تاريخ" الطبري ٧/ ٢١١، و"الأغاني" ٧/ ٩ وهو المناسب للسياق.
(٣) في المصدرين السابقين: الأمور، بدل: العهود.
(٤) في النسخ الأربعة: زمانًا. والمثبت من "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٨٢، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٢١٢، و"الأغاني" ٧/ ١٠.
(٥) في المصادر السابقة: نعمتكم.
(٦) كذا في النسخ الأربعة. والبيت (كما في المصادر السالفة) ضمن أبيات قافيتها لام مفتوحة، وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ٢١٢: إذا كانت لنا دولا. وفي "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٨٢: إذا صرتم لنا خَوَلا. وفي "الأغاني" ٧/ ١٠: إذا أبصرتُم الدولا.