للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرَجَتْ من قصر الخلافة زاهدةً في الدنيا، راغبةً في الآخرة، سائحةً على وجهها، حتَّى قدمت مكة.

وأقامت صائمةً قائمةً تعود على نفسها بالغَزْل (١) في قُوتها، فإذا أَمْسَتْ طافَتْ بالبيت، ثم تدخلُ الحِجْرَ، فتبكي وتنوحُ على نفسها وتقول: يَا ذُخْري، أنتَ عُدَّتي، لا تَقْطَعْ منك رجائي، وأنِلْنِي مُنايَ، وأحسِنْ منقلبي ومثواي.

فلم تزل كذلك حتَّى غَيَّرَ مَرُّ الجديدَينِ (٢) بَشَرَتَها، وأقرحَ البكاء عينَيها، والمِغْزَلُ بَنَانَها، حتَّى تُوفِّيت على ذلك، رحمها الله تعالى.

انتهت سيرة هشام بن عبد الملك.

[يحيى بن جابر]

ابن حسان الطائيّ، قاضي حمص، [وكنيتُه] أبو عمرو.

وذكره ابنُ سعد في الطَّبقة الثالثة من التابعين من أهل الشَّام، [وقال:] له أحاديث، مات سنة ستّ وعشرين ومئة. هذا صورة ما ذكر ابنُ سعد (٣).

وذكر أبو القاسم ابنُ عساكر، فروى عن بعضهم أنَّه قال: خرجتُ ليلةً في السَّحَر، وإذا بركبٍ؛ قلتُ: من أنتم؟ قالوا: الجنّ. قلتُ: وما لكم؟ قالوا: رحلنا من عند يحيى بن جابر من كثرة قراءته للقرآن (٤).

وقال: أسند يحيى عن أبي ثعلبة البَهْزيّ (٥)، وعَوْف بن مالك، والنَّواس بن سمعان، والمقدام بن معدي كرب مرسلًا، وكان ثِقَة صالحًا، رحمه الله تعالى (٦).


(١) في (ص): بالمغزل.
(٢) الجديدان: الليل والنهار. ووقع في (ص): حتَّى غيَّر الجديد.
(٣) طبقات ابن سعد ٩/ ٤٦١.
(٤) تاريخ دمشق ١٨/ ٤٥ (مصورة دار البشير).
(٥) كذا في (ب) و (خ) و (د)، و"تاريخ دمشق" ١٨/ ٤٥ (مصورة دار البشير). و"تهذيب الكمال" ٣١/ ٢٤٩. وجاء فيهما أَيضًا في ذكر شيوخ يحيى اسمُ: ضَمْرَة بن ثعلبة السُّلَمِيّ. وضَمْرَةُ هذا بَهزِيّ سُلَميّ، كما في "الإصابة" ٥/ ١٩٤، فالظاهر أن أَبا ثعلبة محرَّف عن ابن ثعلبة الذي هو نفسُه ضَمْرة، ويكون ذكره قد تكرَّر فيهما وهمًا. ثم إنه لم يذكر في كُنى الصَّحَابَة أبو ثعلبة البَهْزِيّ. والله أعلم. وقد تحرَّفت لفظة: البهزيّ في "تهذيب الكمال" إلى: النَّهْدِيّ.
(٦) وقع اختلاف في ترتيب الكلام في (ب) و (خ) و (د) عن (ص). وأثبتُّ لفظ (ص) ليتوافق الكلام مع ما جاء فيها عن ابن سعد في "طبقاته" وعن ابن عساكر في "تاريخه".