للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الليلة على بطنه، فالتَوَتْ عليه حيَّةٌ، فلم تضرَّه. وخرج إلى أصحابه، فأخذوه ومضَوْا، فما ارتفعت الشمس حتى صار في ثلاثة آلاف من الأزد وغيرهم.

وخرج نَصْرٌ بعسكره إلى باب مَرْو الرُّوذ (١)، وخطب الناس، فنال من الكِرْمَانيّ وقال: ولد بكِرْمَان، فكان كِرْمَانِيًّا، ثم سقط إلى هَراة، فكان هَرَويًّا، والساقطُ بين الفِراشين لا أصلٌ ثابت، ولا فرعٌ نابت. ثم ذمَّ الأَزْد فقال: إن يستوثقوا (٢) فأذلُّ قوم، هم كما قال الأخطل الشاعر (٣):

ضفادعُ في ظلماءِ ليل تجاوَبَتْ … فدَلَّ عليها صوتُها حيَّةَ البحرِ

ثم عزمَ على قتال الأَزْد، فسَفرَ الناسُ بين نصر والكِرْمانيّ، فأمَّنَه، وأمرَه بلزوم بيته.

ثم عزمَ نصرٌ على إخراجه من خُراسان، فقيل له: إن فعلتَ نَوَّهْتَ باسمه، فقال: إن الرجل إذا نُفِيَ من بلده صَغُرَ أمرُه، فقيل له: إذا أخرجتَه يُقال: خاف منه. فقال نصر: إن الذي أتخوَّفُه إذا خرجَ أيسرُ ممَّا أتخوَّفُه وهو مقيم.

ثم جاء الكِرْمانيُّ فدخل سُرادق نصر، فأمَّنه وسكتَ عنه (٤).

وجاء نصرًا عزلُ منصور [بن جمهور] وولاية عبد الله [بن عمر بن عبد العزيز] (٥) فخطب وقال: قد علم اللهُ أنَّ ابن جمهور لم يكن من عمَّال العراق، فعزلَه، واستعملَ الطيَّبَ ابنَ الطيِّب. فغضب الكِرْمانيُّ لابنِ جمهور، وشرَع في جمع الناس إليه، واستعدَّ للقتال وأرسل إليه نصرٌ سَلْمَ بنَ أحْوَز. . . فرجع إلى نصر (٦) فأخبره، فأرسل إليه


(١) وقع خرم في (ب) بدءًا من هذا الموضع، وحتى أثناء سنة (١٤٥).
(٢) لم تجوّد الكلمة في (خ) و (د) (والكلام منهما) فجاء رحمها فيهما: نسبوا تبووا. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٩٠. وفي "الكامل": يستوسقوا.
(٣) في المصدرين السابقين: وان يأبَوْا فهم كما قال الأخطل.
(٤) تاريخ الطبري ٧/ ٢٩٠ - ٢٩١.
(٥) الكلام بين حاصرتين زيادة من عندي للإيضاح.
(٦) مكان النقط سقط في (خ) بمقدار سطر، وهو في (د) لكنه غير واضح. والكلام من هاتين النسختين. وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٩١ أن نصرًا أرسل إلى الكِرْماني مع سَلْم بن أحوز: إني واللهِ ما أردتُ بك في حبسك سوءًا، ولكن خفتُ أن تُفسد أمر الناس، فائْتني. فقال الكِرْمانيّ: لولا أنك في منزلي لقتلتُك، ولولا ما أعرفُ من حمقك أحسنتُ أدبَك، فارجع إلى ابن الأقطع فأبلغه ما شئت من خير أو شرّ. فرجع إلى نصر فأخبره. . . إلح.