للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معشوقتُه لكي لا ينالها أهلُها بمكروه. فأمر خالد بقطع يده، فكتب إليه أخٌ كان ليزيد، فقال:

أخالدُ قد أُعطيتَ واللهِ عشوةً … وما العاشقُ المسكينُ فينا بسارقِ

أقرَّ بما لم يأتِهِ المرءُ إنَّهُ … رأى القَطْعَ خيرًا من فضيحة عاشقِ (١)

ولولا الذي قد خفتُ من قطع كفِّهِ … لألفيتَ في أمر الهوى غيرَ ناطقِ

إذا بدت الغاياتُ (٢) في السَّبْقِ للعُلى … فأنتَ ابنَ عبدِ اللهِ أوَّلُ سابقِ

فلما قرأ خالد الأبيات؛ فهمَ، فأرسل إلى أولياء الجارية وقال: زَوِّجُوها منه.

فقالوا: لا؛ بعد ما ظهر عليه ما ظهر، فلا. فقال: زَوِّجُوها طائعين، وإلا زوَّجتُه وأنتم كارهين (٣). فزوَّجوه، ونقدَ خالد المَهْرَ من عنده.

وهذه رواية الخرائطي (٤).

وذكرها القاضي التَّنُوخي (٥) أتمَّ من هذا عن الهيثم بن عديّ، عن ابن عيَّاش قال: كان لِعَمرو (٦) بن دُويرة السحمي أخ (٧) قد كَلِفَ بابنة عمٍّ له كَلَفًا شديدًا، وكان أبوها (٨) يكرهُ ذلك، فشكاه إلى خالد -وهو أمير العراق- فحبسه خالد، ثم سُئل، فأطلقَه، فحملَه الحبُّ على أن تسوَّر عليها الحائط.

فقبض عليه أبوها، وأتى به خالدًا، وادَّعى أنه سرقَ، وجاء بجماعة، فشهدوا عليه، فسأل خالدٌ الفتى، فاعترف أنه دخل المنزل ليسرق، ولم يسرق؛ يدفع بذلك الفضيحة عن ابنة عمِّه.


(١) في "اعتلال القلوب" ص ٢٣٨، و"تاريخ دمشق" ٥/ ٤٩٦: عاتق. والعاتق: الجارية أول ما تدرك، أو التي لم تتزوّج.
(٢) في المصدرين السابقين: الرايات.
(٣) كذا في (ص) (والكلام منها). والجادة: كارهون. وعبارة المصدرين السابقين: لئن لم تزوّجوه طائعين لَتُزَوِّجُنَّهُ كارهين.
(٤) في "اعتلال القلوب" ص ٢٣٧ - ٢٣٨، وأخرجها ابن عساكر من طريقه في "تاريخ دمشق" ٥/ ٤٩٥ - ٤٩٦.
(٥) في "نشوار المحاضرة" ٤/ ٢٦٣ - ٢٦٤، و"الفرج بعد الشدة" ٤/ ٣٠٦.
(٦) في (ص): لعمر. والتصويب من المصدرين السابقين.
(٧) في (ص) (والكلام منها): ابنٌ. والمثبت من المصدرين السابقين، وهو الصواب؛ لقوله آخر الخبر: فكتب إليه أخوه، وعبارة المصدرين السابقين: فرفع عَمرو أخوه إلى خالد. . .
(٨) في (ص): أبوه. والمثبت من المصدرين السابقين لصحة السياق.