للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال هشام:] ويقال للوليد بن يزيد بعضُ هذا من غير تصريح، ولا يلتفت، بل هو منهمكٌ على لذَّاته وفسادِه.

[قال:] وبايع يزيدَ خلقٌ كثير، فأقبل [يزيد] من البادية إلى دمشق متنكّرًا في سبعة نفر على حُمُر، فنزلوا بِجَرُود (١) -على مرحلة من دمشق (٢) - فنزل فنام.

وقام فدخل دمشق ليلًا وقد بايعَه أكثرُ أهل دمشق وأهل الضِّياع، ولم يبق ممَّن لم يُبايعه من أهل المِزَّة إلا معاوية بن مَصَاد، وكان سيِّدَ أهلِ المِزَّة، فمضى يزيد إلى المِزَّة من ليلته -وبين دمشق والمزة ميل أو أكثر- ووقع مطرٌ شديد، فدقُّوا على معاوية، ففتحَ لهم، ودخلُوا، فقال معاوية ليزيد: اجلس على الفراش، فقال: إن في رجلي طينًا، وأكره أن أُفسد عليك فراشَك، فقال: ما تَنْدُبُنا إليه أفسدُ، وكلَّمه يزيدُ، فبايعَه معاويةُ، وعاد يزيد إلى دمشق.

وكان على دمشق عبد الملك بن محمد بن الحجَّاج بن يوسف، وكان قد خافَ من الطاعونَ، فخرج فنزلَ قَطَنا (٣)، واستخلفَ ابنَه على دمشق، وعلى شرطته أبو العاج (٤) كثير بن عبد الله السلميّ.

وواعدَ يزيدُ أصحابَه أن يخرج ليلة الجمعة بين المغرب والعشاء، فدخل المسجدَ في أصحابه، وأوَّلُ من بايعَه بإمرةِ المؤمنين يزيدُ بنُ عنبسة، وقال له: أبشِرْ بنصر الله وعَوْنِه، فقال يزيد: اللهمَّ إنْ كان هذا لك رِضًا؛ فأعنِّي عليه وسَدِّدْني له، وإن كان غيرَ رِضًا؛ فاصْرِفْه عنّي (٥).

واستولى على دمشق والأموال، وجاءه أصحابه من كل مكان، فأرسل من ليلته إلى عبد الملك بن محمد (٦) بن الحجَّاج بن يوسف، فأخَذَه، وأخَذَ كلَّ من يُخافُ منه.


(١) في (خ) و (د) و (ص): فنزلوا بحردة. وهو خطأ. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٣٩، و"الأغاني" ٧/ ٧٥.
(٢) واسمُها الآن جَيرُود، تقع في القلمون، من أعمال دمشق. والمرحلة، هي المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم.
(٣) منطقة إلى الجنوب الغربي من دمشق. (حوالي ٢٤ كم عنها).
(٤) تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبو العلاج.
(٥) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٤٠: فاصرفه عني بموت.
(٦) في النسخ الخطية: محمد بن عبد الملك، وهو خطأ، والمثبت من المصادر المذكورة لاحقًا، وقد سلف الاسم قريبًا على الصواب.