للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم أرَ لكم أيُّها الحيُّ من ربيعة كتابًا ولا رسولًا، وهم غدًا على عزم الإيقاع بكم، فإن أردتُم ابنَ عمر؛ أبلغتُه، وإن أردتُم الوفاءَ لصاحبكم؛ فأنتُم وذاك.

وانفصلَ أحدُهما عن صاحبه، ورجعَ القاسم وأخبر قومَه، وقال: إنَّ ربيعة ومُضر ستقفُ بإزاء ميسرتِه، فقال ابن معاوية: سوف يتَّضحُ لنا هذا غداةَ غدٍ.

فلما كان من الغد؛ التَقَوْا، فانكَشَفَ أصحابُ ابنِ معاوية، ومالت ربيعةُ ومُضر ومَنْ كَتَبَ إلى ابن عمر إلى عسكره، وقاتلَ عُمر بنُ الغضبان قتالًا شديدًا، فجاء أصحابُه، فأخذوا بعِنان دابَّتِه حتى أدخلوه الكوفة (١).

وفي رواية أنَّ ابنَ معاوية خرج إلى الحِيرَة في جمع عظيم وابنُ عُمر قاعدٌ يتغدَّى، فلم يعبأ به، فلما فرغَ من غَدائه؛ ركبَ ومعه أهلُ الشام، ونادى: مَنْ جاء برأس فله خمسُ مئة درهم، فجاء رجل برأس، فأعطاه خمس مئة درهم، فلما رأى الناس وفاءه حملُوا على أصحاب ابنِ معاوية، فجاؤوا بخمس مئة رأس، وانهزمَ ابنُ معاوية (٢).

وقال أبو عبيدة: جاء ابنُ معاوية وإخوتُه، فدخلوا القصر، وقال لعمر بن الغضبان وأصحابه: يا معاشر ربيعة، قد رأيتُم ما صنعَ الناسُ بنا، ودماؤنا في أعناقكم، فإنْ كنتُم مقاتلين معنا قاتَلْنا، وإلَّا؛ فخذُوُا لنا ولكم أمانًا. فقال له عمر: نعم.

ثم زحف إليهم أهلُ الشام، فقاتلوهم أيامًا، فرأَوا الغَلَبَةَ، فأرسل عمر بنُ الغضبان إلى ابنِ عمر، فأخَذَ له أمانًا ولبني معاوية والزَّيديَّة، فأمَّنَهم ابنُ عمر، وأنَّ بني معاوية يمضون حيث شاؤوا.

وأرسلَ ابنُ عمر إلى ابن الغضبان يأمرُه أن يُخرِجَ ابنَ معاويةَ من القصر وينزلَ به ابن الغضبان، فأرسل فأخرجَه ومَنْ معه من إخوته والشيعة، فسارَ إلى المدائن، ونزل عمرُ القصر (٣).

وفيها أظهرَ الخلافَ الحارثُ بنُ سُرَيج على نَصْر بن سَيَّار.


(١) الخبر في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٠٥ - ٣٠٧ مطول.
(٢) المصدر السابق ٧/ ٣٠٧ - ٣٠٨.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٣٠٨ - ٣٠٩. ومن قوله: قال أبو مخنف: قدم عبد الله بن معاوية الكوفة (من أوائل "ذكر بيعته" … إلى هذا الموضع، لم يرد في (ص).