للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقاتل بن حيَّان: أفي كتابِ الله هَدْمُ الدُّورِ وانتهابُ الأموال والفساد؟! فأخَذَه الكِرْمانيَّ، فحبسَه في خيمة، ثم شفعَ فيه معمر بن مقاتل بن حيَّان، فأطلقَه. وأنكر الحارث هَدْم الدُّور، فَهَمَّ به الكِرْمانيُّ، ثم توقَّف.

وكان مُدَبِّرَ أمرِ عسكرِ الكِرْمانيّ مقاتلُ بنُ سليمان.

ثم اختلف الحارثُ والكِرْمانيُّ، والتَقَوْا واقتَتَلُوا قتالًا شديدًا، فانهزم أصحابُ الحارث عنه، وبقي في مئة، فقاتلَ، فقُتل وقُطع رأسُه، وصُلب على باب مَرْو بغير رأس.

وكان مقتلُه بعد خروج نصر [من مَرْو] بثلاثين يومًا، وقُتل يوم الأحد لستٍّ بقين من رجب. وكان يقال: إن الحارث يُقتل تحت زيتونة أو شجرة غُبيراء، فقُتل عندها. ونَهَبَ الكِرْمانيُّ أمواله. وكان الحارثُ يُظهر الندمَ على متابعة الكِرْمانيّ (١).

وغلبت اليمانيَّةُ على المُضَريَّة، فهدَمُوا دُورَهم بمَرْو، ونَهبُوا أموالهم (٢).

وقال نَصْر بن سيَّار يُخاطبُ الحارثَ بن سُرَيج حين قُتل:

يا مُدْخِلَ الذُّلِّ على قومِهِ … بُعْدًا وسُحْقًا لكَ من هَالِكِ

شُؤْمُك أَرْدَى مُضَرًا كُلَّها … وغضَّ من قومكَ بالحارِكِ

ما كانتِ الأَزْدُ وأشْياعُها … تَطْمَعُ في عَمرٍو ولا مَالكِ (٣)

وكان عليٌّ وعثمانُ ابنا الكِرْماني قد أبْلَيَا في ذلك اليوم بلاءً حسنًا حين قُتل الحارث، فقال شاعرٌ يمدحُهما:

إني لَمُرتَحِلٌ أُريدُ بِمِدْحَتِي … أخَوَينِ فوقَ ذُرَى الأنامِ ذُرَاهُما

فاقا المُلُوكَ ولم يزالا نُجْعَةً … لا يَعْدَمُ الضَّيفُ الغَرِيبُ قِرَاهُما

أعْني عَلِيًّا إنه وشقيقُهُ … عثمانُ ليس يَذِلُّ من وَالاهُما


(١) الخبر في تاريخ الطبري ٧/ ٣٤٠ - ٣٤١ بأطول منه، وما سلف بين حاصرتين منه للإيضاح.
(٢) المصدر السابق ٧/ ٣٤٢. ويلاحظ أنه وقع في إيراد أحداث هذه السنة اختصار مخلّ وأوهام، فيغني عنه ما في "الكامل" ٥/ ٣٤٢ - ٣٤٦.
(٣) المصدر السابق، وفيه بيت رابع. وعمرو ومالك بطنان من تميم. ينظر "الكامل" ٥/ ٣٤٧.