للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصالحه وارتحل عن واسط طالبًا مروان، وجاءت كتب الجزيرة والموصل إلى الضَّحَّاك أن يقدم عليهم، فسارَ إليهما في هذه السنة، ومعه سليمان بن هشام.

وقيل: جاءه وهو على نصيبين، وتولَّى على الموصل (١) وبها القَطِرانُ بن أَكْمَه الشَّيبانيّ نائبُ مروان، ففتحَ أهلُ المَوْصل المدينةَ للضَّحَّاك، فدخلَها، وقاتلَهم القَطِرانُ، فقتلُوه ومَنْ كان معه من أهله وقومه، واستولى الضَّحَّاك على الموصل وكُوَرِها (٢).

وكان مروان على حمص يحاصرُها، فكتب إلى ابنِه عبدِ الله -وهو نائبُه بالجزيرة- أن يسير إلى نَصِيبين ليشغل الضَّحَّاك عن الجزيرة، فسار في سبعة آلاف وخلَّف بحرَّان قائدًا في ألف، وسارَ إليه الضَّحَّاك، فلم يكن له به قوة، لكثرة ما مع الضَّحَّاك؛ كان معه مئة وعشرون ألفًا، يرزقُ الفارسَ مئةً وعشرين درهمًا في كل شهر، وصاحبَ البغل مئة، والرَّاجِلَ ثمانين.

وأقام الضَّحَّاكُ على نَصِيبين يُحاصرُها، وجاء مروانُ في جنودِه في ستين ألفًا، فالتَقَوْا على كفرتُوثا (٣) بمكان يقال له: الغَزّ، فاقتتلوا يومَهم ذلك إلى الليل، فلما كان عند المساء تَرَجَّلَ الضَّحَّاك وتَرَجَّل معه [من] أجنادِ عسكرِه ستةُ آلاف، وأهلُ عسكرِه لكثرتهم لا يعلمون بما كان منهم (٤)، وأحدَقَتْ بهم خيلُ مروان، فقَتَلُوا الضَّحَّاك وعامَّةَ مَنْ تَرَجَّلَ معه، وانصرفَ مَنْ بقيَ من أصحابه إلى عسكرهم، ورجع أصحابُ مروان إلى عسكرهم، ولا يعلم مروانُ بقتل الضَّحَّاك حتى فقدَه أصحابُه وسط الليل، فأخبرهم رجلٌ أنه رآه مقتولًا، فبكَوْا وناحُوا عليه.

فجاء عبدُ الملك بن بِشْر التغلبيُّ -وهو قائد من قُوَّاد الضحاك- فدخلَ عسكر مروان، فأخبره بقتله، فأرسلَ معه جماعةً معهم الشمع والنيران إلى موضع المعركة فقلَّبُوا القتلى، فاستخرجوه، وأتَوْا به مروان وفي وجهه ورأسه أكثرُ من عشرين ضربةً،


(١) كذا وقع في (خ) و (د) (والكلام منهما). وعبارة "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٤٥: وكاتبه أهل الموصل ودَعَوْه أن يقدم عليهم فيمكّنوه منها.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٣٤٥. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٠٤ - ٦٠٥.
(٣) تحرفت اللفظة في (خ) و (د) إلى: امريوثا. وينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٤٦.
(٤) في "تاريخ" الطبري: منه.