للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكبَّر عسكرُ مروان وعلمَ عسكر الضَّحَّاك أنهم قد علمُوا بقتله، وقطعَ مروانُ رأسَه، وبعث به من ليلته (١) إلى مدائن الجزيرة، فطافوا به فيها (٢).

وقيل: كان مقتل الضَّحَّاك سنة تسع وعشرين ومئة (٣).

الخَيبِرَيّ

لما قُتل الضَّحَّاك بايعَ عسكرُه الخَيبَرِيَّ، وأصبحوا على قتال مروان، وكان سليمانُ بنُ هشام وأهلُ بيته ومواليه مع الخَيبَريّ، وهو في أكثرَ من ثلاثة آلاف من أهله ومواليه، وكان قد تزوَّجَ منهم أخت شَيبان الحَرُوريّ الذي بُويعَ بعد مقتل الخيبريّ.

وتقابلت الصفوف، وكان عسكر مروان ميمنة وميسرة، ففي الميمنة أهلُ الشام مع ابنه عبدِ الله، وفي الميسرة أهلُ الجزيرة مع إسحاق بن مسلم العُقيليّ، ومروانُ واقف في القلب، فحمل الخَيبَرِيُّ في نحوٍ من أربع مئة من الشُّراة (٤)، وقصدَ مروانَ، فانهزمَ مروان، وخرجَ من العسكر، والميمنةُ والميسرةُ ثابتة، وهجم الخَيبَرِيُّ سُرادقَ مروان، فجلس على فَرْشِه، وقطع أطنابَه (٥)، وقتل مَنْ لَقِيَهُ، فلما رأى عَبيدُ مروان قلَّة [مَنْ] مع الخَيبَرِيِّ، ثَابُوا إليه بعُمُد الخِيام، فقتلُوه وأصحابَه في خيمة مروان وحولَها.

وبلغ مروانَ الخبرُ وقد جاوز العسكرَ بخمسة أميال -أو بستَّة- منهزمًا، فعاد إلى عسكره، ورَدَّ خُيولَه عن مواقفها إليه.

وعلمت الخوارجُ بقتل الخيبريِّ، فولَّوْا عليهم شَيبان، وبايعوه، فقاتَلَهم مروانُ بعد ذلك بالكراديس (٦)، وأبطل الصفَّ (٧).


(١) في (د): ليله.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٣٤٥ - ٣٤٦. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٠٧ - ٦٠٨.
(٣) لم يرد خبر الضحاك بن قيس في (ص) واقتُصر فيها على قوله: وفيها قُتل الضحاك بن قيس.
(٤) في (خ): أهل الشراة. وهو سبق قلم. والشُراة يعني الخوارج.
(٥) عبارة "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٤٧: "حتى انتهوا إلى حجرة مروان فقطعوا أطنابها وجلس الخيبريُّ على فرشه". وهي أحسن.
(٦) جمع كُرْدُوسة، وهي طائفة عظيمة من الخيل والجيش.
(٧) في (خ): الصفوف، والمثبت من (د)، وهو موافق لما في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٤٧.