للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رحلت الخوارج عن موضعها ومعهم سليمان بنُ هشام، فأقاموا بنواحي الجزيرة، وعادَ مروان إلى حرَّان (١).

[عبد الواحد بن زيد]

أبو عُبيدة، واعظُ أهل البصرة، من الطبقة الرابعة من أهلها.

كان من الزُّهَّاد العُبَّاد الخائفين المجتهدين، وعلى يده باب الحسن البصريّ (٢)، وكان يحضر مجالسه العلماء والزُّهَّاد.

وكان يحضر في مجالس مالك بن دينار، فروى ابن أبي الدنيا عن الحارث بن عبيد قال (٣): كان عبد الواحد بنُ زيد يجلس إلى جنبي عند مالك بنِ دينار، فكنتُ لا أفهمُ كثيرًا من مواعظ مالك لكثرة بكاء عبد الواحد.

وروى ابن أبي الدنيا عن زيد بن عمر قال: شهدتُ مجلس (٤) عبد الواحد بعد العصر، فكنتُ أنظرُ إلى مَنْكبَيه ترتعد (٥)، ودموعُه تتحدَّرُ (٦) على لحيته وهو ساكتٌ، والناسُ يبكون، فقال: ألا تستحيون من طول ما لا تستحيون؟ وفي القوم فتًى، فغُشِيَ عليه، فما أفاقَ حتى غربت الشمسُ، فأفاقَ وهو يقول: ما لي؟ ما لي؟ كأنَّه يُعَمِّي على الناس.


(١) المصدر السابق. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٠٧ - ٦٠٩.
(٢) المثبت من (ص). وكأنَّ المعنى -إن صحَّت اللفظة والله أعلم- أنه كان ملازمًا للحسن البصري. وتحرفت لفظة "باب" في (خ) و (د) إلى: تاب!
(٣) في (خ) و (د): وقال الحارث بن عبيد: كان عبد الواحد … والثبت عبارة (ص). والخبر في "حلية الأولياء" ٦/ ١٥٩ من طريق آخر، ولم أقف عليه عند ابن أبي الدنيا، أو من طريقه.
(٤) في (خ) و (د): وقال زيد بن عمر: شهدتُ مجلس … إلخ. والمثبت عبارة (ص). والخبر في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٤٨ (طبعة مجمع دمشق) من طريق ابن أبي الدنيا.
(٥) كذا في (خ) و (د) و (ص)، و"صفة الصفوة" ٣/ ٣٢١ - ٣٢٢ (والخبر فيه دون نسبة). وفي "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٤٨: فكنت أنظر إلى منكبه يرتعد. وهو الجادة.
(٦) في (خ) و (د): تتحادر. والمثبت من (ص) وهو موافق لما في المصدرين السابقين.