للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسلَ إليه أبو سَلَمة الخلَّال يأمرُه بالخروج من القصر واللَّحاقِ بأسفل الفرات لقلَّةِ مَنْ معَه، وكثرةِ مَنْ مع حَوْثَرَة، ولم يبلغ أحدًا من الفريقين هلاكُ قحطبة.

ثم إن أصحاب حَوْثَرَة تسلَّلُوا عنه ودخلُوا الكوفة، فسار إلى ابن هُبيرة وهو بواسط، وكتب محمد إلى قحطبة يأمرُه بالإسراع إلى الكوفة، فقرأه الحسن ابنُه على الناس، وسار فدخلَ الكوفةَ، وسألَ عن أبي سَلَمة الخلَّال، وأتَوْا إليه فاستخرجوه، فخرج فعسكرَ بالنُّخَيلَة يومين، ثم ارتحلَ فنزلَ حمَّامَ أعْيَن، ووجَّهَ الحسنَ بنَ قحطبةَ إلى واسط لقتال ابنِ هُبيرة (١).

وقيل: إن الحسن لما سار إلى الكوفة؛ جعلَ يسألُ في الطريق عن منزل أبي سلمة وزيرِ آل محمد ﷺ، فدلوه عليه، فجاء حتَّى وقفَ على بابه، وخرجَ إليهم فقدَّمُوا له دابَّةً من دوابِّ قحطبة، فركبها، وجاء حتَّى وقَفَ في جَبَّانة السَّبِيع (٢)، وبايعَه أهلُ خراسان، فاستعملَ محمدَ بنَ خالد القسريَّ على الكوفة. وبعثَ الحسنَ بنَ قَحْطَبَةَ إلى واسط لقتال ابنِ هُبيرة في عِدَّةٍ من القُوَّاد، ووجَّه حُميدَ بنَ قحطبة إلى المدائن، وبعث خالد بن بَرْمَك إلى دَيرقُنَّى (٣)، وبسَّامَ بنَ إبراهيم إلى الأهواز وبها عبدُ الواحد بنُ عُمر بن هُبيرة، وخرجَ أبو سَلَمة فعسكر بحمَّام أعين، وأقام محمد الكوفة.

وسار بسَّام إلى الأهواز، فخرجَ إليه عبدُ الواحد، واقتتلُوا، فهزمه بسَّام، فلحق عبدُ الواحد بالبصرة وبها سَلْمُ بن قُتيبة الباهليُّ عاملُ يزيد بن [عمر بن] هُبيرة، وكان خارج البصرة سفيانُ بنُ معاوية بن يزيد بن المهلَّب، فكتبَ إليه أبو سَلَمة بعهده على البصرة، وأمرَه أن يُظهر بها دولة (٤) بني العباس، ويدعو إلى الإمام القائم فيهم، وينفي سَلْمَ بنَ قُتيبة، فكتب سفيان إلى ابنِ قُتيبة يُخبرُه بكتاب أبي سلمة، ويأمرُه بالخروج من البصرة،


(١) الخبر في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤١٧ - ٤١٨ مطوَّل.
(٢) محلَّة بالكوفة. قال ياقوت: أهل الكوفة يسمُّون المقابر جبَّانة كما يسميها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمَّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. "معجم البلدان" ٢/ ٩٩.
(٣) يعرف بدير مَرْماري السليخ، وهو على ستة عشر فرسخًا من بغداد. معجم البلدان ٢/ ٥٢٨.
(٤) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤١٩: دعوة.