للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يونس بن محُمد

أبو عبد الله، مولى عَبد القَيس، من الطبقة الرابعة من أهل البصرة.

قال: ما كتبتُ شيئًا قطُّ. وكان يُحدِّث ثم يقول: أستغفر الله، ثلاثًا.

وقال محمد بنُ عبد الله الأنصاريُّ: رأيتُ سُلَيمان وعبد الله ابني علي بن عبد الله بن عباس، وجعفرًا ومحمدًا ابني سُلَيمان بن علي يحملون سرير يونس على أعناقهم.

وكان يونسر خزَّازًا، فجاء رجلٌ يطلب ثوبًا، فقال لغلامه: انشر الرِّزمة (١)، فنشرها الغلام، وقال: صلى الله على محمد، فقال: ارفعه، وأبي أن يبيعه مخافةَ أن يكون قد مَدحه.

وغلا الحريرُ في موضعٍ قريب من البصرة، وكان إذا غلا في ذلك الموضع غلا بالبصرة، فاشترى يونسُ حريرًا من رجل بثلاثين ألفًا، فلما كان بعد ذلك قال يونس للرجل: هل كنتَ علمتَ أنَّ الحرير غلا بأرض كذا؟ قال: لو علمتُ ما بعتُه. قال: فخُذ حريرَكَ، ورُدَّ المال، فرده.

وجاء يونس بشاةٍ إلى السوق ليبيعها فجعل يقول: من يشتريها على أنها تقلع الوَتِد، وتبدِّد العلف؟ فقيل له: ما يشتريها أحد على هذا. فقال: ديني هو، أبيعه؟! وجاء رجلٌ من أهل الشام إلى سوق الخَزِّ، فقال: أريدُ مُطْرفًا بأربع مئة، فقيل له: هو عند يونس بن عُبَيد، فجاء إليه، فقال: ما عندي مِطْرفٌ إلا بمئتين. وأقيمت الصلاة، فقام يونس يصلِّي فجاء وقد باع ابنُ أخيه المطْرفَ من الرجل بأربع مئة درهم، فقال: وأين الرجل؟ قال: ذهب. قال: ويحكَ! كيف بعتَه إياه بأربع مئة وهو بمئتين؟ قال: رضي به. فتبعه يونس، وقال: يا عبدَ الله، المطْرفُ الذي باعكَ إياهُ ابنُ أخي بأربع مئة إنما هو الذي قلتُ لك: إنه بمئتين، فإن شئتَ فدعْه، أو خذه وخذ مئتين، فقال له الرجل: من أنتَ؟ قال: رجلٌ من المسلمين. قال: أسألك بالله من أنت؟ قال: أنا يونس بنُ عُبَيد. فقال: والله إنا نكون في نَحْر العدوِّ، فإذا اشتدَّ علينا الأمرُ قلنا: اللهمَّ فرج عنا بيونس بن عُبيد (٢)، فيُفرّج عنا. وإنا لنُمنع القَطْر، فنسأل الله به فيسقينا.


(١) الرزمة ما شُدَّ في ثوب واحد. القاموس: (رزم).
(٢) في حلية الأولياء ٣/ ١٥: اللهم رب يونس بن عبيد فرج عنا، أو شبيه هذا.