للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ربيعة بن أبي عبد الرحمن]

فرُّوخ مولى آل المنكدر، التيميّ (١)، أبو عثمان، وقيل: أبو عبد الرحمن، ويقال له: ربيعة الرأي، وهو من الطبقة الرابعة من أهل المدينة.

وكان إذا مرض وضع الموائد لعوَّاده يأكلُ منها كلُّ مَنْ يعوده، فلا يزال كذلك حتى يخرج.

وقال مالك: ذهبت حلاوةُ الفقه منذ مات ربيعة.

وقال ربيعة: إنما الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم ومن يتولَّاهم.

وكانت لربيعة مروءةٌ وسخاء، مع فقهٍ وعلم، وكانت له حلقة في مسجد رسول الله Object، وكان محمد بنُ عليِّ بن الحسين وابنُه جعفر يجلسان في حلقته.

وقال الليث بن سعد، [عن يحيى بن سعيد] (٢): ما رأيتُ أسَد عقلًا من ربيعة. وكان صاحب معضلات أهل المدينة، ورئيسَهم في الفتيا.

وكان فرُّوخ خرج في البعوث إلى خراسان غازيًا [وربيعةُ حَمْل] (٣)، وخلَّف عند أم ربيعة ثلاثين ألف دينار، وقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة وهو راكبٌ على فرس، وبيده رمح، فنزل عن فرسه، ثم دفع الباب، فخرج ربيعةُ وقال له: يا عدو الله، أتهجُم على منزلي؟ فقال فرُّوخ: يا عدو الله أنت، دخلتَ على حَرَمي! وتَواثَبا، وتلبَّبَ كلُّ واحد منهما على صاحبه، حتى اجتمع الجيران، وبلغ مالك بنَ أنس والمشيخة، فأتوا يعينون ربيعة، وجعل ربيعة يقول: والله لا أفارقُك إلا عند السلطان، وفرُّوخ يقول كذلك، وكثُرَ الضجيج، فلما بَصُروا مالكًا سكت الناس كلُّهم، فقال مالك: أيها الشيخ، لك في غير هذا المنزل سَعَة، فقال فروخ: هي داري، وأنا فرُّوخ. وسمعت امرأتُه كلامَه فخرجت، فلما رأته قالت: هذا والله زوجي، وهذا ابنُه الذي خلَّفه وأنا


(١) تحرفت في (د) و (خ) إلى: السمين.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٩/ ٤١٧.
(٣) ما بين حاصرتين من (د).