للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقبلها، ولم يَلِ شيئًا، ولا حدَّثهم بشيء، ولا أفتاهم.

وقال إبراهيم بنُ المنذر: سعى أبو الزناد بربيعة إلى عامل المدينة في شيء، فأخذ ربيعةَ، فجلَدَه وحلَقَ رأسَه ولحيتَه، ثم عُزِل ذلك العاملُ، ووَلي آخرُ من بني تيم، فأخذ أبا الزناد، فأدخله بيتًا، وسد بابَه ليقتله جوعًا وعطشًا عوضَ سِعايته بربيعة، وبلغ ربيعةَ، فجاء إلى الوالي، فسأل في أبي الزناد، فقال الوالي: وهل فعلتُ به ذلك إلا لما سعى بك؟ فقال: أمَّا أنا فأحاكمه غدًا إلى الله تعالى، وأما في الدنيا فلا، ولابدَّ من إخراجه، فأخرَجَه.

ولما ضُرب وحُلقت لحيتُه كانت امرأة تأتي إلى حلقته فيَ يوم في المسجد وتقول: يا أبا عبد الرحمن، انتقَمَ الله ممن حلَقَ لحيتَك، فلما أبرَمَتْه قال لها: يا هذه، إن ذاك حلَقَها مرةً، وأنت تحلقينها كلَّ يوم.

توفي بالأنبار في هذه السنة، وقيل: رجع إلى المدينة فمات بها، وقيل: مات سنة ثمان وثلاثين ومئة.

سمع من أنس بن مالك، وعامَّة التابعين من أهل المدينة، وروى عنه الثوريُّ، ومالك، وشعبة، والليث، وغيرهم. واتفقوا على صدقه، وثقته، ودينه، وورعه.

وجاءه رجل من الفقهاء، فجلس إليه، فقال له: إذا جاءك رجلٌ يسألُك عن مسألة فلا يكن همُّك أن تخرجَه مما وقع فيه، وليكن همُّك أن تتخلَّص مما سألك عنه.

وقال سفيان الثوريُّ: كنتُ جالسًا يومًا عند ربيعة، فغطَّى رأسَه، ثم بكى واضطجع، فقلت: ما يبكيك؟ [قال:] رياء ظاهر، وشهوةٌ خفيَّة (١).

عبد الله بنُ محمد

ابنِ علي بن عبد الله بن العباس، أبو العباس السفَّاح.

أولُ من أجاز بألف ألف درهم: قدم عليه في خلافته عبد الله بنُ حسن بن حسن، فأكرمه، وأنزله قريبًا منه، فقال له يومًا: يا أمير المؤمنين، سمعتُ بألف ألف درهم،


(١) ما بين حاصرتين من مختصر تاريخ دمشق ٨/ ٢٨٨. وانظر في ترجمة ربيعة الرأي: طبقات ابن سعد ٧/ ٥٠٩ - ٥١١، وتاريخ بغداد ٩/ ٤١٤ - ٤٢٢، والمنتظم ٧/ ٣٤٩ - ٣٥١، والسير ٦/ ٨٩ - ٩٦.