للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا الكلام؟! فقال: أنت الذي أمرتنَا بطاعةِ أهل بيت نبيِّنا بني العباس، ودعوتنا من أراضٍ متفرقة، وجمعتنَا على طاعتهم، وقلت: من خالفَهم فاقتلوه، ولو كنتُ أنا فاقتلوني، فلا تفسد أمرَنا وتفرِّق كلمتنا. فقال: قوموا لأنظر، فقام [أبو] حميد، وشاورَ أصحابَه وخواصّه، فقالوا: والله لئن أتيتَه ليقتلنَّك، ولا يأمنك بعدها أبدًا، فسر إلى خراسان، فهم صنائعك وجندُك، فإن استقامَ لك (١)، وإلَّا كنت في عز ومَنعة وبلاد واسعة.

فدعا [أبا] حميد (٢) وقال له: ارجع إلى صاحبك وقيل له: لا حاجة لي في لقائه، فلاطفه وقال له: لا تفعل، وهو يأبى عليه، فلمَّا آيسه آعاد عليه ما قال أبو جعفر، فوجمَ طويلا وكسره ذلك القول.

وكان أبو جعفر قد كتب إلى أبي داود نائب أبي مسلم بخراسان: إنَّ لك خراسان ما بقيتُ وبقيتَ، وجاء أبا مسلم كتابُ أبي داود يقول: إنا لم نخرج لمعصية خلفاء الله ومخالفةِ أهل بيت نبيه، فلا تخالفنَّ إمامك، ولا ترجعنَّ إلا بإذنه، فوافاه كتابه على تلك الحال، فزادَه خوفًا وهمًّا، فاستدعى [أبا] حميد وقال له: قد رجعتُ عن المسير إلى خراسان، ثم رأيتُ أن أوجِّه أبا إسحاق المروزي إلى أمير المؤمنين يستوثقُ لي منه.

وقدم أبو إسحاق على أبي جعفر، فأمرَ بني هاشم بتلقِّيه، وأكرمه أبو جعفر وقال: اصرفه عن وجهه ولك ما أحببت (٣)، فرجع إليه فقال: ما أنكرتُ شيئًا، رأيتُهم معظِّمين لحقِّك، فارجع إلى أمير المؤمنين، فقال نيزك أحدُ قواده: ما ترى؟ فقال: [من الكامل]

ما للرجال مع القضاء عزيمة (٤) … ذهبَ القضاء بحيلة المُحتالِ (٥)

[فقال:] والله ليقتلنَّك، ولكن احفظ عني ما أقول: إذا دخلتَ عليه فاقتله، وبايع لمن شئت، فإنَّ الناسَ لا يخالفونك.


(١) بعدها في (خ): الأمر.
(٢) في (خ) و (د): فدعا حميدًا. والمثبت وما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٧/ ٤٨٥.
(٣) في تاريخ الطبري ٧/ ٤٨٦، والمنتظم ٨/ ١٠، والكامل ٥/ ٤٧٣: ولك ولاية خراسان.
(٤) في أنساب الأشراف ٣/ ٢٣٢، وتاريخ الطبري ٧/ ٤٨٦، والكامل ٥/ ٤٧٣: محالة.
(٥) البيت أورده أيضًا القالي في الأمالي ٢/ ٢٦٩، لكن فيه: الأقوام بدل: المحتال. ومثله في أنساب الأشراف.