للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدًا في بلاد فيها الأُتْرجُّ والعنب، وببلاد فيها كذا وكذا فاطلبه، وتارة هو في [شعب من] شِعاب رَضوى، فكان يطلبه، ثم نظر يومًا فيها فقال: محمَّد وإبراهيم معي في عسكري بالكوفة، وطلبهما أشدَّ الطلب، فمضى محمَّد إلى المدينة، وإبراهيم إلى البصرة، وخرجا عليه (١).

قال المصنف ﵀: وليس العجب من الطبري؛ فإن من عادته أن يأتي بالغرائب والعجائب، وإنما العجب من جدّي أن يحكي مثل هذا في "المنتظم"، وهذا شيء تأباه العقول السليمة والأذهان الصحيحة، وكيف يرى محمدًا وإبراهيم ولا يعرف مكانهما؟

وقال غيره: لما حبس أبو جعفر عبد الله وأهله أشفق محمَّد وإبراهيم منه، فخرجا إلى عدن، ثم مضيا إلى الهند، ثم عادا إلى الكوفة وبها أبو جعفر، وكاتبهما قوم من شيعتهما بالكوفة، ووعدوهما أن يثوروا بأبي جعفر.

ومضى إبراهيم إلى البصرة، ودعا النَّاس فأجابه خلق كثير، ثم أظهر الدعوة، وغلب على البصرة والأهواز وفارس، وأقام ظاهرًا عليها حتَّى قُتل أخوه محمَّد بالمدينة، فلما قتل ازداد النَّاس حرصًا على قتال أبي جعفر، فخرج إبراهيم في رمضان في مئة أَلْف، فقال عفان بن مسلم الصَّفَّار: حَزرتُ عسكر إبراهيم فإذا به أقل من عشرة آلاف.

وقيل: إن مقدم إبراهيم البصرة كان في سنة ثلاث وأربعين مُنصرَفَ النَّاس من الحج، وكان الذي أقدمه وعادله في محمله يحيى بن زياد بن حسان النَّبطيّ، وأنزله منزله، وقام بأمره، وبايعه النَّاس سرًّا إلى سنة خمس وأربعين.

وكان إبراهيم يقول: تنقَّلتُ في البلاد؛ حتَّى دخلت على أبي جعفر، وأكلتُ على مائدته، وخرجتُ وقد سكن الطَّلَبُ عني، ولما خط بغداد كاتبني قوم من أصحابه وقالوا: اقدم علينا، فقدمت وأبو جعفر ببغداد نازل في الدَّير وقد خطَّ البناء.

وروي أن المنصور قال للمسيب: والله إن إبراهيم معي في عسكري، ثم خرج ينظر إلى القنطرة العتيقة التي أمر ببنائها على الصَّراة؛ فوقعت عينه على إبراهيم، فاندس في


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٥٣٤ - ٥٣٥، والمنتظم ٨/ ٤٧، وما بين معكوفين منهما.