للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنْ حَرْبُهم أُوقِدَتْ بينهم … فحَرَّت لهم بعد إبرادِها

وُجِدتَ صَبورًا على رُزْئها … وكَرِّ الحروب وتَردادِها (١)

فقال: يَا حجَّاج، قد عرف إبراهيم صعوبةَ جانبي، وإنما جَرَّأه على الخروج أهلُ البصرة والأهواز وغيرها، ثم استرجع وقال: قد استعنت عليه بالله تعالى، ولا قوة إلَّا به.

قال: ودخلت عليه والعساكر محيطة به، ولقد كان عليه مئة أَلْف سيف بالكوفة كامنة بإزاء عسكره، ينتظرون صيحة واحدة فيثبون به، فوجدته صقرًا أحوزيًّا مُشَمِّرًا، قد قام إلى ما نزل به من النَّوائب يَمرُسها، وإنه كما قيل: [من الرجز]

نَفْسُ عصامٍ سَوَّدتْ عِصاما … وعلَّمتْه الكَرَّ والإقداما

وصيَّرتْه مَلكًا هُمامًا (٢)

وقال أبو عبيدة: أُهديت التميمية (٣) إلى أبي جعفر في تلك الأيام فما نظر إليها، وكان إبراهيم قد تزوج بالبصرة نهيكة (٤) بنت عمر بن سلمة، فكانت تأتيه في مُصَبَّغاتها وألوان ثيابها.

[ذكر مسير إبراهيم إلى أبي جعفر]

قال: ولما عزم إبراهيم على قصد أبي جعفر أشار عليه جماعة من قُوَّاده أن يقيم بالبصرة ويبعث الجنود، فإن ظهروا عليهم أمدَّهم بغيرهم.

وقال أهل الكوفة: إن بالكوفة أقوامًا لو رأوك لماتوا دونك، فما زالوا به حتَّى سار نحو أبي جعفر.

وقال عبد الله بن جعفر المدينيّ: خرجتُ مع إبراهيم ليلة يطوف في عسكره، فسمع أصوات طَنابير وغناء، فقال: ما أطمع في نصر عسكر هذا فيه.


(١) ديوانه ١٢٣ - ١٢٤، وتاريخ الطبري ٧/ ٦٤٠ - ٦٤١.
(٢) الأبيات للنابغة الذبياني، وهي في ديوانه ١١٨، وتاريخ الطبري ٧/ ٦٤١.
(٣) في الطبري ٧/ ٦٤١: اليتيمة.
(٤) في تاريخ الطبري ٧/ ٦٤١، وأنساب الأشراف ٢/ ٤٤٥: بهنكة.