للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعطَّلوا الحدود، ودَعَوا إلى طاعتهم دون طاعة الله.

وكان يمشي في الأسواق ويقول: أيها النَّاس، كنتم تلتمسون رجلًا يقوم بالعدل فقد أتاكم الله به، فانصروه تَرشدوا، وقوموا معه تُفلحوا، فمَن قَدَر على الخروج بنفسه فليخرج، ومن لم يقدر فليُعنه بالمال والسلاح، ثم يقول: [من الرجز]

أَبا الدَّوانيقِ لقيتَ غيّا … ابرُزْ تُلاقي أسدًا شَّرِيّا

أبيضَ يدعو جدَّه عليًّا … وجدَّه لأمه النبيَّا

وأنت تدعو الجدَّ بَرْبَرِيّا

واختلفوا في المكان الذي قُتل فيه إبراهيم فقيل: باجَمرا وباجُميرا، بجيم وراء مهملة، وباخمرا بخاء، وباخُميرا بخاء معجمة وراء مهملة، قال الجوهري: باخَمرا مكان بالبادية وبه قبر إبراهيم بن عبد الله بن حسن (١)، وقد أشار إليه دِعْبِل فقال: [من الطَّويل]

قبورٌ بكُوفانٍ وأخرى بطَيبةٍ … وأخرى بفَخٍّ ما لها صَلواتي

وأخرى بأرضِ الجُوزَجانِ محلُّها … وقبرٌ بباخَمْرى لدى الغرفات (٢)

وقال أبو اليقظان: لما وُضع رأس إبراهيم بين يدي المنصور قال للربيع: اذهب به إلى أَبيه وأهله -وكانوا في السجن- فجاء الرَّبيع بالرأس إلى عبد الله، فرآه يُصلّي، فقال له: أسرع فلما سَلَّم نظر إلى الرأس، فأخذه فوضعه في حجره وقال: رحماك الله أَبا إسحاق، لقد وفيتَ بعهد الله ولم تَنقُص الميثاق، فقال له الرَّبيع: فكيف كان في نفسك (٣)؟ فقال كان والله كما قال القائل: [من الطَّويل]

فتًى كان يحميه من العار سَيفُه … ويكفيه سوءاتِ الذُّنوب اجتنابُها

ثم قال للربيع: قل لصاحبك: قد مضى من بؤسنا أيام ومن نعيمك أيام، والملتقى (٤) بيننا القيامة، والحاكم الله، فأبلغه ما قال الربيعُ، فما رأيته منكسرًا مثل انكساره حين قلتُ له.


(١) صحاح الجوهري (خمر).
(٢) مروج الذهب ٦/ ١٩٥، وديوانه ص ٨٠.
(٣) في مروج الذهب ٦/ ٢٠٢: كيف كان حال أبي القاسم في نفسه.
(٤) من هنا وقع سقط في (ب) يمتد ثلاث صفحات إلى بداية ترجمة حسن بن حسن.