للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لضاقت (١) أمورٌ منكمُ لا أرى لها … كَفاةً وما لا يَحفظُ الله ضائعُ

فسَمُّوا لنا مَن طحْطَح النَّاسَ عنكمُ … ومَن ذا الذي تُحنى عليه الأضالعُ

وما زال منّا قد علمتم عليكمُ … على الدَّهرِ إفضالٌ يُرى ومنافعُ

وما زال منكم أهلُ غَدرٍ وجَفْوَةٍ … وبالبغي (٢) مُغتَرٌّ وللرَّحْم قاطعُ

ودَبَّ رجالٌ للرِّياسةِ منكم … كما دَرجَتْ تحت الغَديرِ الضَّفادِعُ

ثم كتب في أسفل الكتاب: والله لقد عجزوا عن أمرٍ قُمنا به، فما شكروا، ولقد مهَّدوا فاستوعروا، والله لا أكرم أحدًا بإهانة نفسي، ولئن لم تقبلوا الحق لتَطلُبُنَّه ثم لا تجدونه (٣)، والسَّعيد مَن وُعِظ بغيره.

وقال جعفر بن محمَّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ﵃: لما قُتل إبراهيم بباخمرا حَشَرنا أبو جعفر من المدينة، فلم يدع بها [منا] محتلمًا، فقدمنا الكوفة عليه، فأقمنا ببابه شهرًا نتوقَّع القتل، فخرج إلينا بعد ذلك الربيع الحاجب فقال: أين هذه الغلومة (٤)؟ فقلنا: ها نحن، فقال: ليدخل على أمير المُؤْمنين رجلان من ذوي الحِجا.

قال جعفر: فدحْلتُ عليه والحسن بن زيد، فلما صرنا بينَ يديه قال لي: أَنْتَ الذي تعلم الغيب؟ قلت: لا يعلم الغيب إلَّا الله، قال. أَنْتَ الذي يُجبى إليه الخراج؟ قلت: إنما يُجبى الخراجُ إلى أمير المُؤْمنين. قال: هل تدرون لم دعوتُكم؟ قلت: لا قال: أودتُ أن أهدِم ديارَكم، وأُغوِّرَ قُلُبَكم، وأقطع نخيلكم، وأُنزلكم بالسَّراة بحيث لا يجيئكم أحد من أهل العراق ولا من غيره؛ فإنهم لكم مفسدة.

فقلت: إن سليمان ملك فشكر، وإن أَيُّوب ابتُلي فصبر، وإن يوسف ظُلم فغفر، وأنت من ذلك السِّنخ. فتبسم وقال: أعِد، فأعدتُ، فتبسم وقال: مثلُك يكون زعيم القوم، قد عفوتُ عنكم، ووهبتُ لكم جُرمَ أهل البصرة.


(١) في تاريخ الطبري ٨/ ٩٥: لضاعت.
(٢) في الطبري وأنساب الأشراف ٣/ ٣٥١: وبالله.
(٣) في تاريخ الطبري ٨/ ٩٢: والله لئن لم يقبلوا الحق ليطلبنه ثم لا يجدونه عندي.
(٤) في الفرج بعد الشدة ١/ ٣١٣: أين هؤلاء العلوية.