للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أقبل على بعض الناس وقال: هذه دار مروان؟ قالوا: نعم، قال: هذه المِحْلال المِظْعان، ونحن أول مَن يَظعن عنها.

وقال الزبير بن بكار: كان رياح قد ولي دمشق لصالح بن علي، ومصر لأبي جعفر، وكان فاتكًا، حضر عند عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه وعنده رَجاء بن حَيوَة، فأُتي بغِلْمَةٍ من آل المُهَلَّب لم يبلغوا الحِنْث، فقال عمر: ما تقولون فيهم؟ فقال رياح: أقول ما قال نوح في أمثالهم: ﴿وَلَا يَلِدُوا إلا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٧] فأعرض عنه عمر، ثم قال لرجاء: ما تقول أنت؟ قال: أقول: لا سبيل لك عليهم، لأنهم لم تَجْرِ عليهم الأقلام والأحكام.

وأطلق عمر رحمة الله عليه سبيلهم، فلما خرجا قال رياح لرجاء: إن الله خلق رجالًا للخير وأنت منهم، وخلق رجالًا للشر وأنا منهم (١).

ورياح هو الذي تولَّى حبسَ بني حسن، وتقييدَهم، والتضييقَ عليهم، وحملَهم إلى العراق، ولما أوصلهم إلى الكوفة ردَّه أبو جعفر إلى المدينة.

وكان رياح قد حبس محمد بن خالد القسري، ووجأ عُنُقه، وعَذَّب كُتَّابَه، فلما ظهر محمد بن عبد الله بالمدينة حَبس رياحًا وضيَّق عليه، فلما قصد عيسى بن موسى المدينة واقتتلا، دخل إبراهيم بن خُضير، وخُضَير اسمُه مصعب بن [مصعب بن] الزبير (٢)، وكان مع محمد بن عبد الله بن الحسن، فأتكى رياحًا وذبحه كما تُذبح الشاة، وقصد محمد بن خالد القَسريّ، فردم بينه وبينه بابًا، ونجا فلحق بالكوفة، ورجع إبراهيم بن خُضَير فقاتل مع محمد حتى قُتل.

ولما ذُبح رياح أُخرج من الحبس، فجعل صبيان المدينة في رِجله شريطًا، وجَرُّوه في الأزِفَّة ويقولون: [من مجزوء الرمل]

سَلَحَتْ أمُّ رِياحٍ … فأتَتْنا برِياحِ

وأتَتْنا بأميرٍ … ليس من أهلِ الصَّلاحِ


(١) تاريخ دمشق ٦/ ٣١١ (مخطوط).
(٢) ما بين معكوفين من أنساب الأشراف ٢/ ٤٢٥، وانظر جمهرة ابن حزم ص ١٢٤.