للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنظر، خبيثَ المَحْضَر، وكان قد طعن في خلافة أبي جعفر وهجاه، ومدح محمد بن عبد الله.

وقال البلاذُرِيّ: وصل أبو جعفر سُدَيفًا بألف دينار، فأعطاه لمحمد بن عبد الله بن حسن معونة له، فلما خرج محمد صار سُدَيف من خاصّته، ومدحه فقال: [من السريع]

إيهًا أبا إسحاقَ مُلِّيتَها في … في صحّةٍ تبقى وعُمرٍ يطولْ

اذكُر هداك الله فِعْل (١) الأُلى … سِير بهم في مُصْمَتاتِ الكُبولْ

وصعد محمد المنبر يومًا بالمدينة، فقام سُديف وأشار إلى العراق وقال يريد أبا جعفر: [من الكامل]

أسْرَفْتَ في قتل البريَّةِ عامدًا … فاكفُفْ يديك أضَلَّها مَهْدِيُّها

فلتأتينك رايةٌ (٢) حَسَنِيَّةٌ … جَرَّارةٌ يَحْتَثُّها حَسَنيُّها

وبلغ أبا جعفر فقال: قتلني الله إن لم أقتلْه شَرَّ قِتلة.

وكان سُدَيْف يقول: صار فَيئُنا دولةً بعد القسمة، وإمارتُنا غلَبةً بعد المشورة، وعهدنا ميراثًا، واشتُريت الملاهي والمعازف بأموال الأرامل واليتامى، وحَكم أهلُ الذمَّة في أبشار المسلمين، وتولّى القيام بأمورهم فاسقُ كل مَحلَّة، اللهم إنه قد استَحْصَد زرعُ الباطل وبلغ نهايته، فأتِحْ له يدًا من الحق حاصدة؛ تُبدِّد شملَه، وتُفرِّق جمعَه، ليظهرَ الحقُّ في أحسن صورته، وأتمِّ أموره (٣).

ولما قُتل محمد بن عبد الله هرب سُدَيف إلى المدينة فاختفى فيها، وبلغ أبا جعفر، فكتب إلى عمِّه عبد الصّمد بن علي وهو عامله على مكة والمدينة أن: اقتل سُديفًا، فأخذه، وحَفِظ له ما كان له فيهم من المدائح، وحبسه، وكاتب فيه أبا جعفر مرارًا، فكتب إليه: والله لئن لم تقتله لأقتلنَّك، ولا تغترَّ بأنك عمي، أليس هو القائل لي:

أسْرفتَ في قتل البريَّةِ عامدًا


(١) في أنساب الأشراف ٢/ ٤٤٧، والشعر والشعراء ص ٧٦٢، وطبقات ابن المعتز ص ٤١: ذَحْل.
(٢) في (خ) و (ب): زلة، والمثبت من العقد الفريد ٥/ ٨٨، وفي ضعفاء العقيلي ٢/ ١٨١، وتاريخ دمشق ٧/ ٧٢: غارة.
(٣) الشعر والشعراء ٢/ ٧٦١، وطبقات ابن المعتز ص ٣٨، وتاريخ دمشق ٧/ ٧١ - ٧٢.