للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدًا حتَّى مات.

وروى أبو نعيم عنه أنَّه دُخِل عليه وهو يبكي، فقيل له: ما يُبكيك؟ فقال: بابي مغلقٌ، وستري مسبلٌ، ومنعتُ حزبي أن أقرَأه المارحة، وما ذاك إلَّا من ذنب أحدثتُه (١).

ولَمَّا مات رأى رجل فيما يرى النائم كأنَّ أهلَ القبور جلوسٌ على قبورهم، وعليهم ثيابٌ جُدُد، فقيل لهم: ما هذا؛ قالوا: إنَّ أهل القبور كُسوا ثيابَّا جَدُدًا؛ لقدوم كُرْز عليهم.

أسند كرز عن طاوس، وعطاء، والربيع بن خُثَيم، والقرظي، وغيرهم (٢).

قلت: ومن ولد كرز رحمة الله عليه الشيخُ الصالح، العارفُ الزاهدُ، الورعُ الرباني، عيسى بن أحمد بن إلياس بن أحمد بن خليل بن محمود بن محمد بن سالم بن سليم بن يوسف بن خالد بن بركة بن مبارك بن داود بن شريف بن ربيح (٣) بن رباح بن كرز بن وبرة، اليونينيُّ المولد والمنشأ رحمة الله عليه، كان من أعيان [أصحاب] (٤) شيخ الإسلام أسد الشام عبد الله اليوفيني رحمة الله عليه، وممن يشارُ إليه بالزهد والعبادة، والاجتهاد والعلم بالطريق، والعمل بما يعلم، ولم يزل مقيمًا بقرية يونين ظاهرَ بعلبك في زاويته شمالي القرية، منقطعًا إلى العبادة والاجتهاد، غيرَ مكترثٍ بمن يزوره من أرباب الدنيا، لا يختار رؤيتهم، وكان يصومُ النهار ويقوم الليل، ولم يتزوَّج في عمره (٥)، ولا اشتغلَ بغير عبادةِ ربِّه ومطالعةِ كتب الأحاديث النبويَّة والرقائق وما يجري مجراها، وله الكراماتُ الظاهرة (٦).


(١) حلية الأولياء ٥/ ٧٩.
(٢) انظر ترجمته في حلية الأولياء ٥/ ٧٩، والمنتظم ٨/ ١١٨، وصفة الصفوة ٣/ ١٢٠، وسير أعلام النبلاء ٦/ ٨٤.
(٣) في ذيل مرآة الزمان لليونيني ١/ ٢٤: رميح.
(٤) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق. انظر ذيل مرآة الزمان ١/ ٢٥.
(٥) ذكر القطب اليونيني في ذيل المرآة ١/ ٢٥ أنَّه عقد على امرأة عجوز كانت تخدمه لاحتمال أن يتناول منها شيئًا فتمسَّ يده يدها.
(٦) توفي سنة ٦٥٤ هـ، وانظر ترجمته أيضًا في تاريخ الإسلام ١٤/ ٧٦٠.