للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر بن ذر، فيصلِّي إلى السحر، وكان بيتُه بعيدًا من المسجد (١).

وقال حجر بن عبد الجبَّار الحضرميّ: كان في مسجدنا قاصٌّ يقال له زُرعة، فأرادت أمُّ أبي حنيفة أن تستفتي في شيءٍ، فأفتاها أبو حنيفة، فلم تقبل وقالت: لا أقبل إلَّا من زُرعة القاصّ، فجاء بها أبو حنيفة إلى زُرعة، فقال: هذه أمِّي تستفتيك في كذا وكذا، فقال: سبحان الله، معك أَيشٍ أقول؟! فقال: لا بدَّ أن تفتيَها، فقال لها: الجواب كذا وكذا، فقال أبو حنيفة: قد قلت لها هذا ولم تقبل، فقال لها زرعة: القولُ ما قالهُ أبو حنيفة، فرضيت وانصرفت (٢).

وروى الخطيب عن أبي يوسف قال: قال لي أبو حنيفة: لا تسألني عن أمر الدين وأنا ماشٍ، ولا قائم، ولا متكئئ فإنَّ هذه الأماكن لا يجتمعُ فيها عقلُ الرجل (٣).

فصل: فأمَّا صفتُه وصفة لباسه:

فروي عن أبي يوسف أنَّه قال: كان أبو حنيفة ربعةً من الرِّجال، ليس بالقصير ولا بالطويل، وكان أحسنَ الناس منطقًا، وأحلاهم نغمةً (٤)، حسنَ الوجه، حسنَ الثياب، طيِّبَ الرائحة، سريعًا إلى مواساة الإخوان.

وروى إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة عن أبيه قال: كان أبي طوالًا (٥) تعلوه سمرةٌ، وكان كثيرَ التعطُّر، يُعرَف بطيب الريح إذا أقبلَ من شدَّة تعطُّره. والأول أشهر.

فصل: وأمَّا ضربُه على القضاء ونحوه:

روَى الخطيب بإسناده قال: كلَّم ابنُ هُبيرة أبا حنيفة أنْ يَليَ القضاء، فأبى، فضربه مئةَ سوطٍ وعشرةَ أسواط، كلَّ يومٍ عشرة، وكان ابن هُبيرة عاملَ بني أمية على العراق (٦).

قال أبو بكر بن عياش: وكان ذلك في أيَّامٍ باردة، ثمَّ قُيِّدَ بأثقلِ الحديد وحبس.


(١) لم أقف عليه.
(٢) انظر الخبر بنحوه في تاريخ بغداد ١٥/ ٥٠١.
(٣) انظر الخبر في التذكرة الحمدونية ١/ ٤٤٢.
(٤) إلى هنا كلام أبي يوسف، وما بعده هو من كلام أبي نعيم. انظر تاريخ بغداد ١٥/ ٤٥٣.
(٥) في تاريخ بغداد ١٥/ ٤٥٤: عن عمر بن حماد بن أبي حنيفة أن أبا حنيفة كان طوالًا.
(٦) تاريخ بغداد ١٥/ ٤٤٨.