للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى الخطيب عن عبد الله بن مطيع عن أبيه قال: رأيتُ جنازة أيَّام أبي جعفر يحملُها اثنان، وخلفَها رجلٌ بباب خراسان. وقيل يحملها أربعة (١)، فقلت: لمن هذه؟ فقيل: لرجلٍ من أهل الكوفة يقال له: أبو حنيفة، مات في السجن، فلمَّا جازوا بها بابَ خراسان، كأنَّما نُودي في الناس، فعبرنا به إلى الجانب الشرقي، وصلَّوا عليه عند باب الجسر، ثمَّ كثر الزحام، فلم يصلُوا به إلى مقبُرة الخيزران إلى بعد العصر، وجاء أبو جعفر المنصور فصلَّى على قبره، ومكثَ الناسُ يصلُّون على قبره أربعين يومًا، وقيل: عشرين يومًا، وكان قد أوصَى أن يُدفن في الجانب الشرقيّ؛ لأنَّ الجانب الغربي غَصْبٌ، وقد ذكرناه.

وحكى ابن سعد عن الواقدي قال: كنتُ بالكوفة أتوقَّع قدومَه، فجاء نعيُه (٢).

وقيل: إنَّه تكلَّم في أيَّام خروج إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فحُبس بهذا السبب.

واختلفوا في أي شهر مات فقال الخطيب: في رجب (٣)، وقال الصيمري: في شعبان (٤)، وقال أبو يوسف: في شوال.

قال: ولَمَّا دُفِن سمع الناس ثلاثَ ليالٍ عند قبره صوتًا -ولا يرون شخصًا- وهو يقول: [من الرمل]

ذهبَ الفقهُ فلا فقهَ لكم … فاتَّقوا اللهَ وكونوا خلفَا

مات نعمان فمن هذا الذي … يحيي الليل إذا ما سدفا (٥)

وروى الربيع عن الشافعي أنه قال: إنِّي لأتبرَّك بقبر أبي حنيفة، فإذا عرضت حاجةٌ إلى الله تعالى قصدتُه، وصلَّيتُ عنده ركعتين، فما يبعدُ قضاؤها (٦).

ورؤيت له مناماتٌ كثيرة، فروى الخطيب عن السري بن طلحة قال: رأيتُ أبا حنيفة


(١) في أخبار أبي حنيفة ص ٨٨. وخلفها رجل ومعها أربعة أنفس.
(٢) طبقات ابن سعد ٨/ ٤٨٩.
(٣) تاريخ بغداد ١٥/ ٥٨٤.
(٤) في أخبار أبي حنيفة ص ٨٩: توفي أبو حنيفة في رجب أو شعبان.
(٥) في أخبار أبي حنيفة ص ٢: سجفا.
(٦) أورده الصيمري في أخبار أبي حنيفة ص ٨٩ من طريق علي بن ميمون.