للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحج بالناس محمد بن إبراهيم الإمام، وهو كان العامل على مكَّة والطائف، وعلى المدينة الحسنُ بن زيد، وعلى الكوفة محمد بن سليمان، وعلى البصرة جابر بن توبة الكلابيّ، وعلى قضائها سَوار بن عبد الله، وعلى مصر يزيد بن حاتم (١).

وفيها توفي

أشعث الحُدَّاني

من الطبقة الرابعة من عباد البصرة، وكان من الخائفين.

قال ابن أبي الدنيا بإسناده إلى حزم قال. قال لنا أشعث الحداني: انطلقوا بنا إلى أبي محمد حبيب العجمي نسلِّم عليه، وذلك عند ارتفاع النهار، فانطلقنا معه، فسلَّمنا عليه وجلسنا، فأخذ حبيب في البكاء وبكى أشعث، فما زالا كذلك حتى حضرت صلاة الظهر، فصلَّينا، ثم أَخذا في البكاء إلى العصر، فصلَّينا، وما زالا يبكيان إلى المغرب، ثم قام وخرج، ثمَّ التفتَ إلينا وقد ركب حماره وقال: إنَّ أناسًا ينهون عن هذا فأطيعهم؟ قلنا: إذًا أنت أعلم، فقال: والله لا أطيعُهم أبدًا.

أسندَ عن الحسن وابن سيرين، وأقرانهما (٢).

قلت: وفي الطبقة الرابعة من أهل البصرة رجلٌ آخرُ يقال له الحُدَّاني أيضًا، إلا أنَّ اسمَه عبد الله بن غالب كان من الزهَّاد الخائفين.

قال أبو نعيم بإسناده إلى المغيرة بن حبيب قال: قال عبد الله بن غالب الحُدَّاني لما برز للعدو: على ما آسى من الدنيا؟ فوالله ما فيها للبيب جذلٌ، والله لولا محبَّتي لمباشرة السهر بصفحة وجهي، وافتراش الجبهة لك يا سيدي، والمراوحة بين الأعضاء في ظلم الليل؛ رجاءَ ثوابك وحلول رضوانك لقد كنتُ متمنِّيًا لفراقِ الدنيا وأهلها. ثمَّ كسرَ جفن سيفه، وتقدَّم فقاتل حتَّى قُتل، فحُمِل في المعركة وبه رمق، فماتَ دون العسكر، فلمَّا دُفِنَ أصابوا من قبرِه رائحة المسك.


(١) تاريخ الطبري ٨/ ٤٠.
(٢) انظر ترجمته في المنتظم ٨/ ١٥٠، وصفة الصفوة ٣/ ٣٣٥، وتهذيب الكمال ٣/ ٢٧٢، وسير أعلام النبلاء ٦/ ٢٧٤.