للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتركَهم للدُّنيا، وإنَّما سادَهم بحفظ لسانه.

وروى أبو نعيم أيضًا عن يونس بن عبيد أنه قال: إنِّي لأعرف رجلًا منذ عشرين سنة يتمنَّى أن يَسْلَمَ له يومٌ من أيام ابن عون فلا يقدر عليه، وليس ذلك أن يسكت يومًا لا يتكلَّم، ولكن يتكلَّم فيسلم كما يسلم ابن عون.

وقال ابن المبارك: إنما ارتفعَ ابنُ عون بالاستقامة.

ورَوى أبو نعيم عن خارجة بن مصعب قال: صحبتُ عبد الله بن عون أربعةً وعشرين سنةً، فما أعلمُ أنَّ الملائكةَ كتبت عليه خطيئةً قط.

قال: وكان لا يغضبُ فإذا أغضبَه أحدٌ قال: باركَ الله فيك (١).

وروى ابن بطة أنَّ ابن عون كان له حوانيتُ يكريها لأهلِ الذمَّة ولا يكريها للمسلمين، فقيل له في ذلك، فقال: إنَّ لمجيء رأس الشهر روعة، وأنا أكرهُ أن أروِّعَ مسلمًا (٢).

وقال عثمان البتي: ما رأت عيناي مثلَ ابن عون، قيل: ولا الحسن وابن سيرين، قال: ولا الحسن ولا ابن سيرين.

وروى أبو نعيم أن أمَّ ابن عون نادته فأجابها فارتفع صوته على صوتها فأعتق رقبتين (٣).

قال: وكان له جمل يغزو عليه ويستقي عليه الماء، وكان يحبُّه، فضربه غلام لابن عون على وجهه فسألت عين الجمل على خدِّه، فجاء به الغلام وقد خاف، فقال له ابن عون: فهلَّا كان على غير الوجه، اذهب فأنت حرٌّ لوجه الله.

وكان ابن المبارك يقدم البصرة فيقال: ما الذي أقدمك؟ فيقول آخذ من أخلاق ابن عون وآدابه.

وقال ابن معين: ولد ابن عون سنة أربعٍ أو ستٍّ وستين، وكان أكبر من أيوب


(١) انظر حلية الأولياء ٣/ ٣٧ - ٤٠.
(٢) صفة الصفوة ٣/ ٣١٠.
(٣) حلية الأولياء ٣/ ٣٩.