للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمكة، فتذاكروا الرطب، فقال وهيب: أوقد جاء أوانه؟ فقال له ابنُ المبارك: يرحمُك الله، فهذا آخره، أو لم تأكل؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال وهيب: بلغني أنَّه من القطائع، قال له ابن المبارك: أوليسَ عامَّة ما في السوق من القطائع؟ لو منعنا هذا لضاق على الناس، أوليس القمحُ الذي يأتي من مصر من القطائع، وما أحسبك تستغني عن القمح، فصعق وهيب، فقال الفضيل لابن المبارك: ما الذي صنعتَ بالعبد الصالح؟ فقال: ما كنت أرى أنَّ كلّ هذا الخوف قد أعطيه، فلمَّا أفاق وهيب قال: يا ابن المبارك، دعني من ترخيصك، لا آكلُ من القمح إلَّا كما تأكل المضطرُّون الميتة، فزعموا أنه نحلَ جسمُه حتى مات هزالًا.

وقال قادم الديلمي [قيل] (١) لوهيب: ألا تشربُ من ماء زمزم؟ فقال: بأيِّ دلو؟ وما كان يشرب إلَّا بدلوه.

وقال أبو نعيم: كان سفيان الثوري إذا حدَّث الناس في المسجد الحرام وفرغَ يقول: قوموا بنا إلى الطبيب، يعني وهيب بن الورد.

وما كان يأكلُ من الفواكه شيئًا.

ورَوى ابن أبي الدنيا بإسناده عن محمد بن يزيد بن خنيس قال: قال وُهيب بن الورد: عجبًا للعالم كيف تجيبُه دواعي قلبه إلى الضحك! وقد علمَ أنَّ له في القيامة روعات ووقفات وفزعات، ثمَّ غشي عليه.

وروى ابن أبي الدنيا أيضًا عن وهيب أنَّه كان قد حلف أن لا يضحكَ حتى يعلم ما تأتي به رسلُ الله، قال: فسمعوه عند الموت يقول: وَفيتَ لي وما وفيتُ لك.

وقال بشر الحافي: كانت خضرةُ البقل تبينُ من بطنِه من الهُزال.

أسند وهيب عن عطاء ومنصور بن زَاذان وغيرهما، وشغله التعبُّد عن الرواية (٢). والله أعلم.

* * *


(١) ما بين حاصرتين من صفة الصفوة ٢/ ٢١٩.
(٢) انظر ترجمته إضافة إلى ما ذكر في المنتظم ٨/ ١٧٢، وتهذيب الكمال ٣١/ ١٦٩.